قوله إن النافذ من المريء لا يتعاطاه من القوى الطبيعية إلا قوة واحدة وإن كانت الإرادية تعينها. نفوذ الغذاء في المريء هو عندنا بقوة إرادية فقط لا بقوة طبيعية لكن هذه الإرادية عندنا منها إرادية مطلقة وهي التي معها شعور بالفعل وبأن ذلك الفعل مراد وهذه هي التي تسمى في المشهور إرادية. ومنها إرادية طبيعية وهي التي الإرادة فيها للقوة الحيوانية التي لنا، وهي إرادية لتلك القوة ولا يلزم ذلك أن تكون إرادية لنا، وكذلك اندفاع الغذاء عن المعدة إلى الاثني عشري هو أيضاً عندنا بهذه الإرادة الطبيعية، وبالقوة الجاذبة التي هي في هذا المعاء. وهي أيضاً إرادة طبيعية فنفوذ الغذاء في هذين العضوين هو في كل واحد منهما بقوتين لكن القوتان اللتان ينفذ بهما الغذاء في المريء من نوعين متقاربين بالجنس، وكلاهما إرادي وهما جاذبتان لكن إحداهما تجذب بالإرادة المطلقة، والأخرى تجذب بالإرادة الطبيعية وأما القوتان اللتان ينفذ بهما الغذاء في المعاء الاثني عشري، فهما أيضاً إراديتان والإرادة فيهما من نوع واحد وهي الإرادة الطبيعية لكنهما مختلفتان بالجنس اختلافاً كبيراً، وذلك لأن إحداهما جاذبة، والأخرى دافعة لأن نفوذ الغذاء في هذا المعاء يتم بجاذبة هذا المعاء، ودافعة المعدة وقد عرفت أنا قد بينا أو لاً أن جميع الأفعال التي تتم بالليف وهي الجذب والدفع والإمساك جميعها عندنا إرادية ولكن من الإرادات الطبيعية.
قوله: إذا كانت المعدة تحتاج إلى جذب لما ينفذ فيه. لكن حاجة المعدة إلى الجذب أكثر لأن المجذوب إليها الغذاء، والغذاء من شأنه أن يجذب إلى الأعضاء، وأما المجذوب إلى الأمعاء فهو أكثر فضل الغذاء والفضلات من شأنها أن تندفع لا أن تجذب فلذلك كان من الغالب على ليف الأمعاء هو الليف العرضي العاصر فإن هذا الليف فعله الدفع.
قوله: وكالطحال يسره أما أن بعض الكبد يحصل في الجانب الأيمن تحت المعدة فذلك ظاهر فإن بعض زوائدها تكون كذلك، وأما الطحال فإنه ليس يكون تحت المعدة بل عن يسارها من أسفل أي من أسفل يسارها لأنه يكون تحتها بجملته. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع
تشريح المعاء الصائم والمعاء الدقيق
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه والجزء من الأمعاء الدقيقة ... إلى قوله: كما يخلو عن عروق كبدية تأتيها لمص وجذب.
الشرح زيادة هضم الأمعاء الدقيقة على الأمعاء الغليظة ليست بجواهرها فإن الجوهر الدقيق أقل حصراً للحرارة لكن استيلاء الأجرام الأخرى عليه أكثر لأن الرقيق يتمكن بقوة المجاورة له من النفوذ في جرمه أكثر فإذا كان ذلك العضو المجاور ذا قوة قوية الهضم كما هو المجاور للأمعاء الدقاق جرم الكبد وهي قوية الهضم جداً كان هضم ذلك الرقيق بذلك أكثر فلذلك يكون هضم هذه الأمعاء الدقاق بسبب مجاورتها للكبد أشد من هضم الأمعاء الغلاظ بكثير، وأما الأمعاء الغلاظ فإن قوتها على دفع ما في داخلها وإخراجه أقوى كثيراً من قوة الأمعاء الدقاق وذلك لأن الأمعاء الدقاق في غالب تكون ما في داخلها سيالاً شديد القبول للتحرك والسيلان، فلذلك يكفي في دفعه إلى الأمعاء الأخر أيسر قوة فلذلك لم يحتج أن يخلق قوى هذه الأمعاء قوية الدفع. ولا كذلك الأمعاء الغلاظ فإن ما في داخلها في أكثر الأمر يكون غليظاً عسر الإجابة إلى الاندفاع فلذلك احتيج أن تخلق قواها الدافعة قوية، وأما هضمها بذواتها فقد يكون أقوى بكثير من هضوم الأمعاء الدقاق بذواتها وأما الهضم بسبب مجاورتها الكبد فإنه في الدقاق أقوى لأجل قربها من الكبد مع رقة جرمها. والله ولي التوفيق.
البحث الخامس
الكلام في بقية الأمعاء وهي الأمعاء الغلاظ
قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه ويتصل بأسفل الدقاق معاء يسمى الأعور ... إلى قوله: أكثر من عضل الكبد لحاجتها إلى حس كثير.
الشرح إن هذا المعاء المسمى بالأعور اختص بأمور: أحدها: أنه ذو فم واحد يدخل فيه الغذاء من المعاء المعروف بالدقاق ومن ذلك الفم يخرج منه المعاء المسمى قولون.