للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الخرزة الأولى فإن حركتها متعذرة لما نقوله بعد وحركة الرأس وحده يمنة ويسرة يتم بمفصل بينه وبين الفقرة الأولى، وذلك لأن هذا المفصل لو كان مع فقرة أخرى لكانت تكون حركة الرأس هذه غير خاصة به بل مع العظام التي تكون فوق تلك الفقرة فلذلك وجب أن تكون حركة الرأس من قدام إلى خلف تتم بمفصل بينه وبين الفقرة الثانية وتكون حركة الرأس وحده بمفصل بينه وبين هذه الفقرة أعني الأولى لأن مفصل حركته يميناً وشمالاً هو بأسفل الجدار الرابع، وذلك مائل إلى مؤخر الرأس وذلك يلزمه أن يكون أكثر جرم الرأس إلى قدام هذا المفصل والفكان موضوعان أمام الرأس وإلى أسفل فلذلك يكون ثقل الرأس إلى قدام كثيراً جداً، وذلك يحوج أن يكون العظم الذي عليه هذا المفصل مائلاً جداً عن الفقرة الأولى إلى قدام وإذا كان كذلك لم يمكن أن يكون ذلك العظم تبرز منها إلى قدام، لأن ذلك العظم كان يكون حينئذٍ معرض للانكسار فلا يقوى على حمل الرأس، إلا أن يكون غليظاً قوياً، وذلك مما لا يقوى على إقلاله الفقرة الأولى، فلذلك احتيج أن يكون هذا المفصل بين الرأس وبين فقرة أخرى ولا يمكن أن يكون ذلك بالفقرة الثالثة وما هو أسفل منها لأن ذلك يحوج أن يكون العظم الذي يرتفع من تلك الفقرة إلى الرأس طويلاً جداً. وذلك يلزمه ضعفه عن إقلاله الرأس، فلذلك جعل هذا المفصل بين الرأس والفقرة الثانية، وذلك بأن أبرز من الفقرة الثانية عظم طويل جداً يسمى السن، والنواة لأنه يشبه كلاً من هاتين وجعل ارتفاعه ولا يزال كذلك يرتفع حتى ينتهي إلى عظام الرأس حيث يكون على اعتداله في الميل إلى خلف وقدام وحينئذٍ يدخل رأسه بعد تمليته في فقرة من عظام الرأس مملسة فتكون حركة الرأس وحده إلى قدام وخلف وهو على ذلك العظم وبذلك العظم يتعادل ميل الرأس بنقله إلى خلف، وإلى قدام، فلذلك حركة الرأس وحده إلى قدام وخلف، وهو بمفصل بينه، وبين الفقرة الثانية على الوجه الذي قلناه.

قوله: زائدة طويلة صلبة يجوز وتنفذ في الثقبة الأولى إلى قدام النخاع هذه الزائدة لا يمكن أن تنفذ في ثقبة الفقرة الأولى وإلا احتيج أن يكون هذا الثقب عند أعلاه شديد السعة إلى قدام، لأن هذه الزائدة أعلاها إما مائل جداً إلى قدام لأنه ينتهي إلى حيث يكون ثقل الرأس مع الفكين من قدامها مساوياً لثقله من خلفها، وإنما يكون كذلك لبقي بين النخاع وبين هذه الزائدة من فوق فضاء كثير، وكان ذلك التركيب واهياً، والذي قاله جالينوس: وفي الفقرة الأولى لهذه الزائدة موضع قد هيئ ليتمكن فيه ويعتمد عليه اعتماداً حريزاً وهذا الكلام لا يلزمه أن تكون هذه الزائدة تدخل في ثقب الفقرة الأولى، وفي الجوامع.

وأما الفقرة الثانية فيصل بينها وبين الرأس، ويربطها به زائدة شبيهة بالسن تشخص من الفقرة الثانية مصعدة وهي جزء من الفقرة الأولى.

أقول: إن هذه الزائدة تشبه أن تكون دعامة للزائدة التي هي السن من ورائها ليكون وضعها محفوظاً موثوقاً.

قوله: ولهذه المعاني غربت عن الأجنحة.

الذي قاله جالينوس: إن هذه الفقرة الأولى لا سنسنة لها، ولا جناحان لكن هذان الجناحان، وجناحا الفقرة الثانية غير مشقوقة.

قوله: وكذلك لو كانت حيث يلتق الثانية لزائدتيها اللتين تدخلان منها في نقرتي الثانية.

الذي قاله جالينوس: وفي الفقرة الأولى حفرتان أخريان قليلتا العمق في أسفلهما شبيهتان بالنقرتين اللتين في أعلاها إلا أن تكون النقرتان اللتان في أعلاها أكبر، ولذلك كان ينبغي لمكان اتصال الرأس بهما، والنقرتان اللتان في أسفلهما أصغر.

قوله: بمفصل سلس متحرك إلى قدام وخلف.

والذي يظهر لي، والله أعلم، أن الفقرة الأولى ليست تتحرك لمفصل بينها وبين الفقرة الثانية لا إلى خلف وقدام، ولا إلى اليمين واليسار.

أما على ما قاله الشيخ في السن الصاعدة في ثقب الفقرة الأولى فظاهر لأن هذا السن لأجل أنه جزء من الفقرة الثانية فليس بينهما مفصل يمنع لا محالة من حركة الفقرة الأولى بدون الثانية لأنه داخل فيها، وأما على ما هو الحق وهو أن هذا السن يصعد أمام الفقرة الأولى في أسفلها جزء تدخل فيه هذا السن أيضاً فظاهر أيضاً لأن حصول هذا السن في ذلك الجزء يمنع من حركة الفقرة الأولى يمنة ويسرة. وكونه أمامها، وملاقياً لأسفلها يمنع من حركة هذه الفقرة إلى قدام فذلك الحق.

<<  <   >  >>