من الأصابع قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه فمن الباسطة عضلة موضوعة ... إلى قوله: وأما المميلة إلى أسفل فثلاث.
الشرح لقائل أن يقول: لم خلق لبسط الأصابع الأربع عضلة واحدة وخلق لانقباضها عضلات كثيرة. وكان ينبغي أن يكون بالعكس لأن إشالة الثقيل أعسر من حطه.
وجوابه: إن الحركة القوية التي تحتاج إليها الأصابع عند الأعمال إنما هي حركة الانقباض وذلك في مثل الإمساك القوي وجر الأثقال ونحو ذلك.
وأما حركة الانبساط فهو في الحقيقة كترك العمل بالأصابع فلذلك إنما يحتاج أن تكون القوة فيه بقدر يقوى على رفع الأصابع فقط وهي قليلة الثقل فلذلك تكفي فيها قوة يسيرة، فلذلك كفى الأربعة عضلة واحدة، وهذه العضلة تحتاج أن تكون قوتها قوية، لأنها تحرك أربعة أعضاء، فلذلك خلقت عظيمة، ومنشؤها من الجزء المشرف من الرأس الوحشي من الطرف السافل للعضد، ويمتد في وسط وحشي الساعد. أعني ما بين أعلى ذلك الجنب وأسفله، وإنما خلقت كذلك ليكون ما يتوزع منها من الأوتار آخذاً إلى الأصابع على الوجه العدل، فلا تكون بعض الطرفيات أقرب إليها من مقابلها من الطرف الآخر. والله ولي التوفيق.
البحث الثالث العضلات المميلة للأصابع إلى أسفل لموضوعة على وحشي الساعد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما المميلة إلى أسفل فثلاث ... إلى قوله: وأما القابضة فمنها ما على الساعد.
الشرح إن الإنسان يحتاج في أعماله إلى تمييل أصابعه تارة إلى أسفل، وتارة إلى فوق، وتارة إلى تمييل بعضها إلى أسفل وبعضها إلى فوق وذلك عند إرادة القبض على شيء عظيم لأن جملة الأصابع تكون حينئذٍ كالمحيطة بالممسوك وتحتاج أن تكون هذه الحركات قوية لتقوى الأصابع حينئذٍ على شدة إمساك ما تحتوي عليه ورفع ثقله، فلذلك خلق لها عضلات كثيرة، وحاجة المميلة إلى أسفل إلى قوة شديدة أشد لأن الأصابع حينئذٍ تحتاج إلى قوة الإحاطة مع قوة رفع ثقل الممسوك، فلذلك احتيج لها إلى عضلات قوية جداً، فاحتيج أن تكون بعض عضلاتها كبارا جداً، فاحتيج أن يكون تلك على الساعد إذ الكف لا يحتمل ذلك لأجل صغره، ولا كذلك إذا كانت مائلة إلى فوق لأنها حينئذٍ إنما تحتاج إلى قوة الإحاطة فقط. وكان ينبغي أن تكون هذه العضلات على عدد الأصابع المتحركة بها، لكن الإبهام لما كانت قوتها تحتاج أن تكون قوية حتى تكون في قوة إصبعين، وجعل لها عضلة واحدة وكفى لكل إصبعين من الباقية عضلة واحدة فلذلك صارت هذه العضلات ثلاثاً، وخلقت من جانبي العضلة الباسطة لأن تلك لما كانت حركاتها مؤربة كان أحسن أو ضاعها الطرفان، ولما كان تأريب هذه الحركات إلى جهة ظاهر الكف خلقت عضلها من الجهة الوحشية. وخلق للإبهام وحدها عضلة واحدة والباقي لكل إصبعين عضلة لأن الإبهام يحتاج إلى قوة قوية تقارب ضعف قوة كل واحدة من الأصابع الأخرى، وخلقت المحركة للخنصر والبنصر أعظم من المحركة للوسطى والسبابة وذلك لأمرين: أحدهما: ضيق المكان على المحركة للوسطى والسبابة لأنها تحتاج أن تكون من جهة أعلى الجانب الوحشي من الساعد، وفي ذلك الجانب العضلة المحركة للإبهام أيضاً فضاق المكان عليهما فاحتيج أن تكونا صغيرتين وأن يكون الاتصال بينهما كثيراً، فلذلك قد يظن أنهما عضلة واحدة ولا كذلك مكان المحركة للخنصر والبنصر فإن مكانهما لا يزاحمهما فيه غيرهما. فأمكن أن تكون عظيمة.
وثانيهما: أن هذه الحركة تحتاج أن يكون الخنصر والبنصر أقوى لما قلناه فيحتاج أن يكون عضلهما أعظم.
قوله: فثلاث منها يتصل بعضها ببعض. أما اتصال المحركة للإبهام بالمحركة للوسطى والسبابة فذلك ظاهر وشبيه ما قلناه، وأما الأخرى فظاهر أنها إنما تتصل بالوسطى الباسطة للأصابع الأربع لأنها مجاورة لها بخلاف المميلة للوسطى والسبابة. والله ولي التوفيق.
البحث الرابع العضلات القابضة للأصابع الموضوعة على أنسي الساعد قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه وأما القابضة فمنها ما هي على الساعد ... إلى قوله: وأما العضلة الثالثة فليست للقبض ولكنها تنفذ.