للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيشترط الخطيب حتى ترتفع الجهالة عن الراوي أن يروي عنه اثنان فأكثر من العدول المشهورين بالعلم، وهذا هو الصواب، بخلاف من أطلق وذهب إلى عدم اعتبار العدالة والشهرة بالعلم، ومنهم الإمام محمد بن يحيى الذُّهلي حيث قال: «إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة» (١).

وتبعه الإمام الدارقطني فقال: «وأهل العلم بالحديث لا يحتجُّون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلًا مشهورًا، أو رجلًا قد ارتفع اسم الجهالة عنه، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعدًا، فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة، وصار حينئذ معروفًا، فأما من لم يروِ عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر وجب التوقُّف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره، والله أعلم» (٢).

وقد ردَّ الإمام ابن رجب الحنبلي على هذا الحد الذي وضعه الذُّهلي وتبعه عليه المتأخرون، فقال: «قال يعقوب بن شيبة: قلت ليحيى بن معين: متى يكون الرجل معروفًا؟ إذا روى عنه كم؟

قال: إذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي، وهؤلاء أهل العلم،


(١) «الكفاية» (ص: ٨٨)، وروى ابن خزيمة في «صحيحه» عن محمد بن يحيى الذهلي أنه قال: «وهب بن الأجدع قد ارتفع عنه اسم الجهالة، وقد روى عنه الشعبي أيضًا، وهلال بن يساف». ينظر: «صحيح ابن خزيمة»، كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر المفسر لبعض اللفظة المجملة التي ذكرتها والدليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إذا كانت الشمس غير مرتفعة، فدانت للغروب (٢/ ٢٦٥).
(٢) «سنن الدارقطني»، كتاب الحدود والديات (٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧ حديث رقم ٣٣٦٥).

<<  <   >  >>