للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نقد الخطيب في «تاريخه» كثيرًا من الأخبار الموضوعة والمكذوبة، وبيَّن بطلانها، ومَن الذي قام بوضعها واختلاقها، وقد استخلصتُ منها بعض القواعد المهمة في نقد الأحاديث الموضوعة، سأذكرها مع بعض الأمثلة بإيجاز:

القاعدة الأولى: استعمال التاريخ من أهم الأمور المُعِينة على معرفة كذب الرواة:

وقد قرَّر ذلك في كتابه «الجامع لأخلاق الراوي» وبيَّن أن أصحاب الحديث قيَّدوا مواليد الرواة، وتاريخ موتهم؛ ليختبروا كذب الرواة الذين يدَّعون السماع ممن لم يلقوه.

وروى عن أبي حسَّان الزيادي (١)، أنه قال: سمعتُ [حماد بن زيد] (٢)


(١) هو الحسن بن عثمان بن حماد بن حسان، كان أحد العلماء الأفاضل، ومن أهل المعرفة والثقة والأمانة، توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين. «تاريخ بغداد» (٨/ ٣٣٩).
(٢) في «تاريخ بغداد» (٨/ ٣٤٠)، و «الجامع لأخلاق الراوي» (١/ ١٣١): «حسان بن زيد»، ورواه ابن عساكر من طريق الخطيب في «تاريخ دمشق» (١/ ٥٤)، ثم قال: «كذا في النسختين من تاريخ بغداد: حسان بن زيد. وأظنه حماد بن زيد، والله تعالى أعلم». فيتبين من ذلك أن «حسان بن زيد» تصحيف، والصواب: «حماد بن زيد»، ومما يؤيد ذلك أن السيوطي ذكر هذا القول في «الشماريخ في علم التاريخ» (ص: ١٨)، وعزاه إلى حماد بن زيد، كذلك فإني لم أجد ترجمة لحسان بن زيد هذا. وحماد بن زيد من شيوخ أبي حسان الزيادي، كما في ترجمة الزيادي من «تاريخ دمشق» لابن عساكر (١٣/ ١٣٢).
وينظر: «علم الرجال نشأته وتطوره من القرن الأول إلى نهاية القرن التاسع» لمحمد بن مطر الزهراني (ص: ٢١٦)، و «تحرير علوم الحديث» لعبد الله بن يوسف الجديع (١/ ١٠٨).

<<  <   >  >>