للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل هذا الحديث بهذا الإسناد، قد أغنى أهلَ العلم عن أن ينظروا في حاله، ويبحثوا عن أمره، ولعله كان يتظاهر بالصلاح، فأحسن ابن الشِّخِّير به الظنَّ،

وأثنى عليه لذلك، وقد قال يحيى بن سعيد القَطَّان: ما رأيتُ الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث (١)» (٢).

ورواه الخطيب أيضًا في «تلخيص المتشابه» ثم قال: «هذا الحديث باطل بهذا الإسناد، والرجال المذكورون فيه كلهم ثقات غير محمد بن بيان، ونرى أنه مما صنعت يداه، والله أعلم» (٣).

فلم يقبل الخطيب توثيق ابن الشِّخِّير لهذا الراوي، وحكم على خبره بالكذب، واتهمه بوضع الحديث؛ لأنه أتى بهذا المتن الباطل بإسناد رجاله كلهم أئمة ثقات.

وهذا يؤكد ما قرره الذهبي - رحمه الله - إذ يقول: «فلكثرة ممارستهم (٤) للألفاظ النبوية، إذا جاءهم لفظ ركيك -أعني مخالفًا للقواعد- أو فيه المجازفة في الترغيب والترهيب، أو الفضائل، وكان بإسناد مظلم، أو إسناد مضيء كالشمس في أثنائه رجل كذاب أو وضَّاع، فيحكمون بأن هذا مختلَق، ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتتواطأ أقوالهم فيه على شيء واحد» اهـ (٥).


(١) رواه ابن عدي في مقدمة «الكامل في الضعفاء» (١/ ٢٤٦).
(٢) «تاريخ بغداد» (٢/ ٤٥٢).
(٣) «تلخيص المتشابه» (١/ ٢٣٩).
(٤) يعني: نقاد الحديث.
(٥) «الموقظة» (ص: ٣٧).

<<  <   >  >>