للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا: «والذي نختاره من هذه الجملة سقوط فرض العمل بالمراسيل (١)، وأن المرسل غير مقبول» (٢).

ثم بيَّن أدلة اختياره هذا بقوله: «والذي يدل على ذلك: أن إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه، ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه، وقد بينَّا من قبل أنه لا يجوز قبول الخبر إلا ممن عُرِفت عدالتُه (٣)، فوجب لذلك كونه غير مقبول.

وأيضًا فإن العدل لو سُئل عمَّن أرسل عنه، فلم يعدِّله، لم يجب العمل بخبره، إذا لم يكن معروف العدالة من جهة غيره، فكذلك حاله إذا ابتدأ الإمساك عن ذِكره وتعديله؛ لأنه مع الإمساك عن ذكره غير معدِّل له، فوجب ألا يُقبل الخبر عنه» (٤).

وقد روى بإسناده عن عبد الله بن الزبير الحُميدي أنه قال: «فإن قال قائل: فما الحجة في ترك الحديث المقطوع، والذي يكون في إسناده رجل ساقط وأكثر من ذلك، ولم يزل الناس يحدِّثون بالمقطوع، وما كان في إسناده رجل ساقط وأكثر؟

قال عبد الله: قلتُ: لأن الموصول وإن لم يقل فيه: سمعت، حتى ينتهي الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن ظاهره كظاهر السامع المدرك، حتى يتبيَّن فيه غير ذلك، كظاهر الشاهد الذي يشهد على الأمر المدرَك له، فيكون ذلك عندي كما يشهد؛ لإدراكه من شهد عليه وما شهد فيه حتى أعلم منه غير

ذلك.


(١) والمرسل عند الخطيب وعامة أصحاب الحديث مثل المنقطع كما سبق بيانه.
(٢) «الكفاية» (ص: ٣٨٧).
(٣) ينظر: «الكفاية» (ص: ٢٣، ٣١، ٣٣).
(٤) «الكفاية» (ص: ٣٨٧).

<<  <   >  >>