للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البَسَاسِيري، وكان قد جمع العَيَّارين (١) وأهل الرساتيق (٢) وكافة الدُّعَّار (٣)، وأطمعهم في نهب دار الخلافة، والناس إذ ذاك في ضر وجَهْد، قد توالت عليهم سنون مُجدبة، والأسعار غالية، والأقوات عزيزة، وأقام البَسَاسِيري بموضعه والقتال في كل يوم يجري بين الفريقين في السفن بدجلة.

فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دُعي لصاحب مصر في الخطبة بجامع المنصور، وزيد في الأذان: حي على خير العمل …

فلما كان من يوم الأحد لليلتين بقيتا من ذي القعدة حشر البَسَاسِيري أهل الجانب الغربي عمومًا، وأهل الكرخ خصوصًا، ونهض بهم إلى حرب الخليفة، فتحاربوا يومين قُتل بينهما قتلى كثيرة … ».

ثم ذكر الخطيب أن البَسَاسِيري نفى الخليفة إلى مدينة حَديثة عانة على نهر الفرات، فحُبس هناك، وأنه قبض على الوزير ابن المُسْلِمة ثم صلبه حيًّا وقتله.

وقد خرج الخطيب من بغداد متوجِّهًا إلى دمشق يوم النصف من صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة؛ خوفًا من بطش البَسَاسِيري؛ فقد كان الخطيب مقرَّبًا من الوزير ابن المُسْلِمة.

ثم ذكر الخطيب أن طُغرلبك رجع إلى بغداد فأطلق الخليفة من محبسه، وأنه حارب البَسَاسِيري، إلى أن ظُفر به وقُتل، وطِيف برأسه في بغداد، وعُلِّق


(١) العيار: الذي يخلي نفسه وهواها لا يردعها ولا يزجرها. «المصباح المنير» للفيومي (ع ي ر).
(٢) يعني: أهل القرى والنواحي المحيطة ببغداد. ينظر: «تاج العروس» (س و د).
(٣) يعني: الفُساق وأهل الفساد. ينظر: «تاج العروس» (د ع ر).

<<  <   >  >>