للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه أمثلة تبيِّن نقد الخطيب للأحاديث بتدليس بعض رواتها:

المثال الأول وهو في تدليس الإسناد:

روى الخطيب في ترجمة محمد بن إسحاق بن المرزبان الفارسي ومن طريقه، عن أحمد بن الحباب بن حمزة بن غيلان الحميري قال: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يُقْطَعُ الخائنُ، ولا المُخْتَلِسُ، ولا المُنْتَهِبُ».

ثم قال: «لا أعلم روى هذا الحديث عن ابن جريج مجوَّدًا هكذا غير مكي بن إبراهيم (١) إن كان أحمد بن الحُباب حفظه عنه؛ فإن الثوري، وعيسى بن يونس وغيرهما رَوَوْه عن ابن جريج، عن أبي الزبير، ولم يذكروا فيه الخبر، وكان أهل العلم يقولون: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير، وإنما سمعه من ياسين الزيات عنه فدلَّسه في روايته عن أبي الزبير، والله أعلم» (٢).

فهذا الحديث رواه مكي بن إبراهيم عن ابن جريج مصرِّحًا فيه بإخبار أبي الزبير له، إلا أن الخطيب يرى أن هذا وهم؛ لأن الثقات من أصحاب ابن جريج رَوَوْه عنه ولم يصرِّحوا بالإخبار، ونقل عن أهل العلم أنهم ذهبوا إلى أن ابن جريج لم يسمع هذا الحديث من أبي الزبير إنما سمعه من ياسين الزيات، فأسقطه من الإسناد، ورواه مباشرة عن أبي الزبير، وابن جريج


(١) رواية مكي بن إبراهيم أخرجها الطحاوي في «شرح معاني الآثار» كتاب الحدود، باب الرجل يستعير الحلي فلا يرده هل عليه في ذلك قطع أم لا؟ (٣/ ١٧١ رقم ٤٩٨٥). وأخرجها ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٣٠٨ رقم ١٣٢٦) من طريق الخطيب.
(٢) «تاريخ بغداد» (٢/ ٦٧).

<<  <   >  >>