للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يجدر التنبيه إليه أن الدكتور محمود الطحان في دراسته عن الخطيب (١) قد خلط رحلته إلى نيسابور برحلته إلى أصبهان، وجعلهما رحلة واحدة، بدأها بزيارة أصبهان ثم انتهى بنيسابور.

وهو خطأ محض، فرحلته إلى نيسابور كانت سنة خمس عشرة وأربعمائة، ورحلته إلى أصبهان كانت سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقد سبق بيان ذلك بالأدلة من كلام الخطيب، والله الموفق.

استقراره ببغداد واجتهاده في طلب العلم:

بعد عودته من أصبهان، مكث في بغداد فترة طويلة، اجتهد فيها في طلب العلم، لم يضيِّع وقتًا في غير قراءة أو مطالعة أو استفادة أو إفادة، حتى إنه كان يمشي في الطريق وفي يده جزء يطالعه (٢).

وكان يترقَّب وصول أي عالم إلى بغداد حتى يسمع منه أو يقرأ عليه، بهمة عالية وصبر وجَلَد، وهذا مثال يبين ذلك ويُجلِّيه: قال الخطيب في ترجمة إسماعيل بن أحمد الضرير الحِيري النيسابوري: «قَدِم علينا حاجًّا في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة … كتبنا عنه، ونِعم الشيخ كان فضلًا وعلمًا، ومعرفة وفهمًا، وأمانة وصدقًا، وديانة وخُلُقًا.

ولما ورد بغداد كان قد اصطحب معه كتبه عازمًا على المجاورة بمكة، وكانت وَقْر بعير، وفي جملتها «صحيح البخاري»، وكان سمعه من أبي الهيثم


(١) «الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث» (ص: ٣٦ وما بعدها).
(٢) «المنتظم» (١٦/ ١٣١).

<<  <   >  >>