للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكُشْمَيْهَني عن الفَرَبري، فلم يُقضَ لقافلة الحجيج النفوذ في تلك السنة؛ لفساد الطريق، ورجع الناس، فعاد إسماعيل معهم إلى نيسابور.

ولما كان قبل خروجه بأيام خاطبته في قراءة كتاب «الصحيح»، فأجابني إلى ذلك، فقرأت جميعه عليه في ثلاثة مجالس؛ اثنان منها في ليلتين، كنت أبتدئ بالقراءة وقت صلاة المغرب وأقطعها عند صلاة الفجر، وقبل أن أقرأ المجلس الثالث عَبَرَ الشيخ إلى الجانب الشرقي مع القافلة ونزل الجزيرة بسوق يحيى، فمضيت إليه مع طائفة من أصحابنا كانوا حضروا قراءتي عليه في الليلتين الماضيتين، وقرأت عليه في الجزيرة من ضحوة النهار إلى المغرب، ثم من المغرب إلى وقت طلوع الفجر، ففرغت من الكتاب، ورحل الشيخ في صبيحة تلك الليلة مع القافلة» (١).

وقد ذكر الذهبي هذه القصة ثم قال: «هذه - والله - القراءة التي لم يُسمع قط بأسرع منها» (٢).

وقد كان يفيد مشايخه أحاديث ليست عندهم، فقد روى في ترجمة علي بن أحمد بن علي أبي الحسن المِصِّيصي حديثًا عن شيخه محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي، ثم قال: «ذكرتُ هذا الحديث للبَرْقاني، فسألني أن أمضي معه إلى الأهوازي، فمضيتُ معه حتى سمعه منه» (٣).

وقد بلغ شغفه بطلب الحديث وولوعه به إلى أنه كان يلحُّ على مشايخه العسرين حتى يحدثوه، وربما لم يحدِّثوا غيره، قال الخطيب في ترجمة علي بن


(١) «تاريخ بغداد» (٧/ ٣١٨ - ٣١٩).
(٢) «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٧٩).
(٣) «تاريخ بغداد» (١٣/ ٢٢٥).

<<  <   >  >>