للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحمد بن محمد الصَّيْرفي المعروف بابن الآبنوسي: «كتبتُ عنه أحاديث عن الدارقطني خاصة، وكان يتمنَّع من التحديث ويأباه، وألححتُ عليه حتى حدثني، ولا أحسب سمع منه غيري» (١).

وبعد تحصيله لهذا الكم الهائل من العلم والمعرفة خاصة علم الحديث، تفرَّغ لجمع كتابه الكبير «تاريخ بغداد» حتى انتهى من نشرته الأولى قبل سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وهي السنة التي حج فيها، حيث شرب ماء زمزم وسأل الله تعالى أن يحقِّق له ثلاثة أمور منها: أن يحدث بـ «تاريخه» هذا في بغداد (٢).

رحلته إلى الحج ومروره ببلاد الشام:

عزم الخطيب على أداء فريضة الحج سنة خمس وأربعين وأربعمائة، وكانت فرصة ثمينة للسماع من شيوخ مكة ومن المجاورين بها، وممن أتى للحج من علماء الأمصار، واختار أن يمر في طريقه إلى مكة ببلاد الشام حتى يسمع من بها من العلماء، قال السبكي: «وقدم دمشق سنة خمس وأربعين حاجًّا، فسمع خلقًا كثيرًا، وتوجَّه إلى الحج، ثم قدمها سنة إحدى وخمسين فسكنها، وأخذ يصنِّف في كتبه، وحدَّث بها بتآليفه» (٣).

وكان في طريقه إلى الحج لا يفتر عن قراءة القرآن، أو تحديث الناس بما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقول أبو الفرج الإسفراييني: «كان الشيخ أبو بكر الحافظ


(١) «تاريخ بغداد» (١٣/ ٢٣٧). وينظر أيضًا: «تاريخ بغداد» (٥/ ٤٨٣) (٦/ ٢٥ - ٢٦).
(٢) ينظر: «تاريخ دمشق» (٥/ ٣٤)، ومقدمة تحقيق «تاريخ بغداد» (ص: ٢٩، ٧٣ - ٧٤).
(٣) «طبقات الشافعية» (٤/ ٢٩).

<<  <   >  >>