للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تقدم أن الخطيب لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله - عز وجل - ثلاث حاجات: الحاجة الأولى: أن يحدِّث بـ «تاريخ بغداد» ببغداد، والثانية: أن يُملي الحديث بجامع المنصور، والثالثة: أن يُدفن إذا مات عند قبر

بشر الحافي.

فلما عاد إلى بغداد حدَّث بالتاريخ بها، ووقع إليه جزء فيه سماع الخليفة القائم بأمر الله، فحمل الجزء ومضى إلى باب حجرة الخليفة، وسأل أن يؤذَن له في قراءة الجزء، فقال الخليفة: هذا رجل كبير في الحديث، وليس له إلى السماع مني حاجة، ولعل له حاجة أراد أن يتوصل إليها بذلك، فسلوه ما حاجته. فسئل فقال: حاجتي أن يؤذَن لي أن أُملي بجامع المنصور. فتقدم الخليفة إلى نقيب النقباء بأن يؤذَن له في ذلك، فحضر النقيب، وأملى الخطيب في جامع المنصور (١).

محنة الخطيب ورحيله إلى الشام:

تقدَّم عند الكلام عن عصر الخطيب (٢) أن القائد أرسلان البَسَاسِيري -الذي كان مقرَّبًا من الفاطميين- استطاع أن يستولي على بغداد في ذي القعدة سنة خمسين وأربعمائة، وأن يحبس الخليفة، كما قبض على الوزير ابن المُسْلِمة ثم صلبه حيًّا وقتله.

وقد خرج الخطيب من بغداد متوجهًا إلى دمشق يوم النصف من صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة؛ خوفًا من بطش البَسَاسيري؛ فقد كان الخطيب مقرَّبًا من الوزير ابن المُسْلِمة، وحمل معه كتبه المؤلَّفة والمسموعة.


(١) ينظر (ص: ٢٣ - ٢٦).
(٢) «تاريخ دمشق» (٥/ ٣٤).

<<  <   >  >>