للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له من جرح وتعديل، ومدح وذم، وقد صرَّح بذلك في بداية ذكره للتراجم فقال: «هذه تسمية: الخلفاء، والأشراف، والكبراء، والقضاة، والفقهاء، والمحدِّثين، … وما انتهى إليَّ من معرفة كناهم، وأنسابهم، ومشهور مآثرهم وأحسابهم، ومستحسن أخبارهم، ومبلغ أعمارهم، وتاريخ وفاتهم، وبيان حالاتهم، وما حُفظ فيهم من الألفاظ عن أسلاف أئمتنا الحفاظ، من ثناء ومدح، وذم وقدح، وقبول وطرح، وتعديل وجرح، جمعتُ ذلك كلَّه وألَّفتُه أبوابًا مرتبة على نسق حروف المعجم من أوائل أسمائهم» (١).

وهذا ما صنعه الخطيب في ترجمة الإمام أبي حنيفة، فإنه أورد ما قيل فيه من جرح وتعديل ومدح وذم، وقد اعتذر عن ذكره لمثالب الإمام أبي حنيفة بتصريحه في صدر سياقه لها أنه إنما ذكرها أسوة بغيره من العلماء، فقال: و «معتذرون إلى من وقف عليها وكره سماعها، بأن أبا حنيفة عندنا -مع جلالة قدره- أسوةُ غيره من العلماء الذين دوَّنَّا ذكرهم في هذا الكتاب، وأوردنا أخبارهم، وحكينا أقوال الناس فيهم على تباينها، والله الموفِّق للصواب» (٢).

وأما تعصُّبه ضد الحنابلة: فقد ادعى ذلك ابن الجوزي، فزعم أن الخطيب كان قديمًا على مذهب أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، فمال عليه الحنابلة لما رأوا من ميله إلى المبتدعة وآذوه، فانتقل إلى مذهب الشافعي - رضي الله عنه -، وتعصَّب في تصانيفه عليهم، فرمز إلى ذمهم، وصرَّح بقدر ما أمكنه، ثم ذكر أمثلة على ما


(١) «تاريخ بغداد» (٢/ ٥).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٥/ ٥٠٥).

<<  <   >  >>