للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- وأما قوله تعالى في سورة " الأحقاف": {حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة} ، فهو أقصى نهاية بلوغ الأشد وعند تمامها بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا، وقد اجتمعت حنكته وتمام عقله (انتهى قول الأزهري) .

أما مبدأ هذه المرحلة ونهايتها، ففي ذلك أقوال، أهمّها: أن " الأشد" يبدأ ببلوغ الإنسان رشيدا، و"الرشد" هو: أن يبلغ عاقلا مأمونا على نفسه، حسن التصرّف، وحدّد بعضهم سنّ الرشد بثماني عشرة سنة، وبعضهم بسبعة عشر سنة، وقال الجوهري في "الصّحاح": " الأشد" ما بين ثماني عشرة الى ثلاثين سنة.

وخلاصة القول الذي يهمنا هنا: أن مرحلة "الأشد" هي: مرحلة النضج والعقل وحسن التصرّف، وهي "مرحلة الشباب" التي هي موضوع هذا الكتاب.

***

[٤- مرحلة " الشيخوخة"]

"الشيخوخة" هي المرحلة الأخيرة من مراحل حياة الإنسان، وقد إختلف العلماء في تحديد أولها، فاعتبرها بعضهم من سنّ الخمسين، وبعضهم قال غير ذلك، ولكن: لا خلاف على أنها آخر المراحل، وأن أحوال الإنسان فيها متفاوتة، فآخرها عجز، وهرم، وضعف، وخرف، كما وصفها الله عز وجل بقوله: {ونقرّ في الأرحام ما نشاء الى أجل مسمّى ثم نخرجكم طفلا، ثم لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يردّ الى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا} .

***

٥- النهاية: "الموت"

"الموت" هو نهاية كل نفس، كما قال عز وجل، {كل نفس ذائقة الموت} ، وقال كعب بن زهير في قصيدته "بانت سعاد":

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته......يوما على آلة حدباء منقول

ونحن لم نختم مراحل حياة الإنسان بذكر هذه النهاية، إلا لنذكّر أنفسنا والمسلمين جميعا بهذه النهاية، وبوجوب الإستعداد لها، والعمل لما بعدها، فإنّ ما بعدها خطير وخطير، فهناك: إما جنّة أبدا.. وإما نار أبدا.. هناك: لا تزر وازرة وزر أخرى، ولا تحاسب نفس إلا عنها، {ولا يسأل حميم حميما} ، {يوم يفرّ المرء من أخيه* وأمه وأبيه* وصاحبته وبنيه* لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} .

<<  <   >  >>