وفي مطلق الأحوال: فإن "الجنون" مناقض للتكليف، فلا مسؤولية على المجنون مطلقا، لا في الدنيا ولا في الآخرة، كما ذكرنا في شروط التكليف بالإيمان.
[٢- العته]
" العته" بفتح العين والتاء هو: آفة توجب خللا في العقل، فيصير صاحبه مختلطا، يشبه بعض كلامه كلام العقلاء، وبعضه كلام المجانين، وكذلك جميع أفعاله، تكون على هذا النحو من الاختلاط، وسبب هذا الإختلاط: نقصان عقله.
و" المعتوه" لا تجب عليه العبادات، ولا تثبت في حقه العقوبات، أما سائر تصرفاته، ففي أحكامها تفصيل ليس هنا موضع بسطه.
[٣- النسيان]
" النسيان" معروف، وقيل في تعريفه: إنه " أمر يعرض للعقل، فيصرفه عن تذكر مطلوب، أو: عن فعل أمر لازم"، وهو مغافر في حقوق الله تعالى، فلا يترتب على نسيان واجب من الواجبات الشرعية إثم، كمن نسي صلاة ثم ذكرها، فإن عليه أن يصليها حين يذكرها، ولا إثم عليه في هذا النسيان، لقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه:" من نسي صلاة، فليصلّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك"، وعن إبراهيم النخعي قال:" من ترك صلاةواحدة عشرين سنة، لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة"، أي: لم يجب عليه سوى قضائها كما هي، صلاة واحدة ولو تركها من دون قضاء، عشرين سنة.
أما في حقوق العباد، فلا يكون النسيان عذرا فيها، فمن أتلف مال إنسان ناسيا، ضمن له قيمته، ولكن لا إثم عليه، لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه الطبراني عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:" رفع عن أمتي: الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه"، أي: رفع عنهم الإثم، إن فعلوا محرما خطأ، أو: بالإكراه، وسيأتي تفصيل حكم " الإكراه" لاحقا، في "الطوارئ المكتسبة".