وذلك كالإكراه على الكفر، بأي سبب كان، من أسباب الكفر، شرط أن يكون الإكراه ملجئا الى إجابته، فالمكره، هنا مخيّر، فإن شاء صبر وثبت، فإن قتل فهو شهيد، وإن شاء أجرى الكفر على لسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان، إنقاذا لحياته، ولا مؤاخذة عليه، لقوله عز وجل:{من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} .
[٣- الهزل]
"الهزل" ضد " الجدّ"، وهو: ما يكون لعبا محضا من القول، وللعلماء في بيان أحكام "الهزل" تفصيل واسع بديع، ليس هنا موضع بسطه ولكن: يكفي أن نشير إلى أن "الهزل" يؤثر على بعض التصرفات فيبطلها، ولا يؤثر على البعض الآخر، فتصحّ مع "الهزل"، ومن أشهر هذه الأمور: ما ورد في الحديث الشريف، الذي رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" ثلاث جدّهنّ جد، وهزلهنّ جدّ: النّكاح، والطلاق، والرّجعة" أي: مراجعة الزوجة بعد طلاق رجعي، فهذه التصرّفات صحيحة ومعتبرة، ولو كانت بالهزل فعلا.
و"الهزل" في الرّدّة" كفر، أي: إذا تلفظ بألفاظ الكفر هزلا، يصير كافرا، وهذا أمر خطير يقع فيه كثير من الناس وهم جاهلون، وإليك بيانه:
إن "الهزل" في التلفظ بألفاظ الكفر، أو بفعل ما هو كفر، كسجود لصنم، يعتبر ردّة وكفرا، ولو كان لا يعتقد بما يقول، لأن كفره، ليس يلفظ هزل به من غير إعتقاد، ولكنه كفر بعين الهزل"، لكونه استخفافا بالدين، وهو كفر، لقوله تعالى:{قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون* لا تعتذروا اليوم قد كفرتم بعد إيمانكم} ، ولأن الهازل جادّ في نفس "الهزل"، مختار راض، فيكون هزله بذاته كفرا، سواء عليه أعتقد ما هزل به أم لم يعتقده.