للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنّ الغيب كله محجوب عن حوّاس الخلق، ولا يعلم أحد من الخلق شيئا من "الغيب"، إلا بإعلام الله عز وجل وإخباره، وهذا الإعلام لا يكون إلا للرسل عليهم الصلاة والسلام، كما قال تعالى: {عالم الغبل فلا يظهر على غيبه أحد* إلا من ارتضى من رسول} . ودور "العقل" في هذا المجال هو: التفكير.. ثم: الحكم الصحيح.. أي: الإيمان والتصديق، مثل: إيماننا بالله تعالى، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، بكل ما فيه من: بعث.. وحشر.. وحساب ... وجنّة.. ونار.. وغير ذلك، والقدر خيره وشرّه، فقد آمنّا بذلك وأمثاله، بعقولنا التي وهبنا الله إياها، تصديقا للخبر الصادق الذي جاءنا، على لسان رسولنا الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.

***

[٧- " التفكير" هو: عمل العقل]

إن "التفكير".. هو العمل البديهي للعقل، إذ لا فائدة من وجود عقل من غير تفكير، لأن العقل المشلول، ليس بعقل، بل هو جهاز معطّل، وجوده كعدمه.

فإذا فكّر "العاقل" في أمر ما..فسينتج عن تفكيره هذا: " تقدير.."، وهذا التقدير: قد يكون صوابا، وقد يكون خطأ، فيترتّب على ذلك:"حكم.." على ذلك الأمر، قد يكون صوابا، وقد يكون خطأ، تبعا للتقدير، وهذه العملية الفكرية هي التي سميّناها:"عمل العقل"..

وهذا التسلسل في عملية التفكير، ليس من عندنا، بل هو ما وجدناه صريحا في كتاب الله عز وجل، فخذ هذا العرض القرآني الرائع، لعمل العقل الذي أشرنا إليه وقل: سبحان الله العظيم:

سئل أحد من العتاة الكفرة من العرب في "مكة"، عن القرآن الكريم" فأجاب.. ولكنّ الله تعالى لم يذكر جوابه فحسب، بل بيّن لنا بالتسلسل، كيف فكّر ذلك الرجل؟.. وكيف قدّر؟ وكيف حكم؟.. فاستمع الى قول الله الحكيم في سورة المدّثّر".

١- {إنّه فكّر وقدّر} ، فهذا: تفكير.. ثم: تقدير..

٢- {فقتل كيف قدّر* ثم قتل فقدّر} ، هذا توبيخ له على سوء التفكير، وفساد التقدير.

<<  <   >  >>