للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالطفل حين يبلغ سن التكليف، يأخذ.. ويتلقى.. ويقلد.. ويصدٌق أي شيء.. ولو من الخرافات والأساطير.. فهو إن نشأ مؤمنا، فإيمانه بإيمان أبويه، أو أحدهما، المعزز لفطرته السليمة، وإن نشأ كافرا، فكفره من كفر أبويه اللذين علماه الكفر، وربيّاه عليه، ولكنه لا يبني شيئا من ذلك على قناعة شخصية، ولا على برهان أو دليل مستقل، وهو في هذه المرحلة، غير مطالب بذلك، حتى يصبح مكلفا.

والطفل بسسب واقعه هذا، ليس مسؤولا عن أعماله وتصرفاته، ولا هو مؤاخذ بها، حتى يبلغ سن التكليف، فعندها يصبح مؤاخذا، يثاب ويعاقب، فقد روي الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، عن عدد من الصحابة، رضوان الله عليهمن عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن القلم قد رفع عن ثلاثة هم: المجنون حتى يبرأ، والنائم حتى يستيقط، والصبي حتى يحتلم.

إن عدم المؤاخذة الشرعية على الطفل في هذه المرحلة، لا يعني أنّ الإنحراف الذي يتعوّده في العقيدة والسلوك لا يضرّه، ولا يؤثّر عليه في المراحل التالية من حياته.. بل إن تلك الإنحرافات، ستنتقل مع الطفل الى مرحلة الشباب، التي هي أولى مراحل التكليف الشرعي، فيصير فيها مكلفا مسؤولا عن أعماله وأقواله، ومؤاخذا بها، فيثاب على الطاعة، ويحمل وزر المعصية.. وعندها سيعاني الشاب من نتائج أخطاء الأبوين والموجهين، الذين أشرفوا عليه في مرحلة "الطفولة"، وسيكون نجاحه أو فشله مرتبطا برغبته وقدرته على ترك ذلك السوء الذي ورّثوه إيّاه..

<<  <   >  >>