للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما نحن فنقول: إن نظرة هؤلاء الناس الى "الحاكم"، وسلطته.. وصلاحياته.. وأعماله.. مخطئة جدا.. بل "الحاكم" هو المسؤول الأول عن "الرعية"، كل الرعية.. ولعل الناس قد نسوا مسؤولية "الحاكم" الواسعة هذه لأنهم لم يعودوا يرون حاكما يحمل الطحين على ظهره للأرملة، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فظنوا هذا النوع من التصرف، قد فعله أمير المؤمنين عمر، على سبيل التواضع فقط.. وأنه في الواقع غير مكلف بذلك ولا هو مسؤول عنه، وبالتالي فليس من مهمات "الحاكمين": أن يخدموا الشعب على هذا النحو.. بل ظنّوا: أن من واجبات "الشعب"، أن يحملوا هم "الطحين" الى قصور "الحاكمين"..

إن هذا الظن في غير محله، فسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يحمل الطحين على ظهره، إلا لأنه يعلم: أن ذلك من مسؤولياته هو.. فلذلك عندما عرض عليه مرافقه، أن يحمل عنه الطحين، قال له:" أفأنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟؟ "..

إننا نقول هذا ونحن نعلم: أنه لن ينبري حاكم.. فيحمل طحينا.. ولا سكرا.. الى شعبه.. بل كلّ ما يرجوه الناس هو: أن يتركهم حاكموهم يعيشون..

نحن نقول هذا، لننطلق منه الى بيان مسؤولية "الحاكم" الكاملة، عن جميع " الأزمات" التي تصيب الناس.. وإلا.. فلماذا هو مسؤول؟؟..

إن من واجبات "الحاكم": أن يبحث هو عن سبيل الخير والرشاد، ويدلّ الناس عليها، ويدفعهم الى سلوكها.. وأن يرصد أبواب الفساد ومنافذه، فيقفلها.. ويمنع أحدا أن يفتحها..

إن من واجبات "الحاكم": أن يوجّه "الشباب" الى هدف رفيع، وأن يقود الشعب برسالة إيلامية واضحة، وأن لا يدع الناس ضحية الفراغ.. والضياع..

إن من واجبات "الحاكم": أن يفتح للشباب أبواب العلوم كافة، ويرفع مستواهم العلميّ، ويشجعهم على التحصيل.. والتأليف.. والاختراع..

إن من واجبات "الحاكم": أن يساعد الناس على معيشتهم، بأن يسهّل لهم سبل العمل، بالتجارة والزراعة والصناعة.. وأن يحصّن "الشباب" من المفاسد..

<<  <   >  >>