لا شك أن معالم الموضوع لدى هذه المرحلة فقد أصبحت واضحة تمامًا، ليس فقط على مستوى الأفكار الأساسية والخطوط العريضة؛ بل البحث كلًّا وتفصيلًا، بابًا بابًا وفصلًا، بتقسيماته الكلية والجزئية.
فكل نقطة لَا بُدَّ أن توثق بطريق الإشارة إلى المصدر أو الاستشهاد، وهنا سيتبين أن التخطيط الموضوعي الجيد، والمصادر الكافية واستعمالها، وتدوين المعلومات بالطرق السليمة -أمر جوهري وضروري، وفي مُسَوَّدَة التخطيط للموضوع يمكن عن طريق الترقيم أو الأحرف الإشارة إلى البراهين اللازم اقتباسها من البطاقات المدونة. ابتداء من هنا يتم اختيار المادة العلمية التي سيجري تدوينها، والكتابة عنها، وسيصبح بالإمكان الاستشهاد لها بأمثلة عديدة، ولَا بُدَّ حينئذ من إعمال الفكر لاختيار الأفضل، والأحسن منها، ورفض ما لا ضرورة لذكره، فالاستشهاد بالأمثلة العديدة المشابهة لبعضها البعض يُشوِّه الفكرة، ويقلل من أهميتها.
وعلى الباحث ألا ينزعج عندما يجد نفسه مضطرًّا -في سبيل بحث جيد متماسك- إلى حذف بعض مواد صالحة جيدة، ما دام أن النقاط والأفكار الموضوعة قد أيدت بأمثلة أخرى. ولا يعزب عن بالنا بالنسبة لكتابة البحوث العلمية الجيدة أن الكاتب كان لديه ملفات ممتلئة بشواهد وبراهين، وكان بإمكانه استخدامها؛ ولكنه طرح الكثير منها.