شخص توافرت فيه الاستعدادات الفطرية والنفسية، بالإضافة إلى الكفاءة العلمية المكتسبة التي تؤهله مجموعة للقيام ببحث علمي.
فالتأهيل العلمي المسبق في مجال البحث، والتزود من المعارف بقدر كافٍ مطلبٌ أساسي لإيجاد الباحث، وتكوين شخصيته العلمية.
الباحث الأصيل هو الذي يتطلع إلى المجهول للخروج بالجديد من الأبحاث والأفكار، وهو يبدأ من حيث انتهى السابقون، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يبحث عن المصادر الأصلية، ويركز اهتمامه عليها.
وهو يتميز بالمرونة الفكرية التي تحمله على تقدير أعمال الآخرين، وتفهم اجتهاداتهم -وإن خالفوه الرأي- في تقدير واحترام، وإنصافهم -نقلًا لآرائهم، أو تفسيرًا لمواقفهم- دون تحيز أو تحامل.
الباحث هو مَن له القدرة على تنظيم المعلومات التي يريد نقلها إلى القارئ تنظيمًا منطقيًّا له معناه ومدلوله، مرتبًا أفكاره ترتيبًا متسلسلًا في أسلوب علمي رصين، بعيد عن الغموض والإطالة، فـ"العلم بالشيء وحده لا يُكوِّن باحثًا بالمعنى الحديث، قد يكون المرء علَّامة في الأدب: أعلامه، عصوره، شعره، مصادره، وفي اللغة نحوها: صرفها، فقهها، تاريخها ... ؛ ولكن ذلك لا يعني حتمًا أنه يستطيع أن يكتب بحثًا منهجيًّا، ولا ينفعه مع علمه ما له من صبر وتتبع وحافظة، وأنه زاول البحث في الكتب والمصادر مرارًا، إنه يبقي حيث هو.