"اختلف الخائضون في هذا الفن في إمامة المفضول على آراء متفاوتة، ومذاهب متهافتة، ولو ذهبت أذكر المقالات وأستقصيها، وأنسبها إلى قائليها وأعزيها؛ لخفت خصلتين:
أحدهما: خصلة أحاذرها في مصنفاتي، وأتقيها، وتعافها نفسي الأبية وتجتويها، وهي سرد فصل منقول عن كلام المتقدمين مقول.
وهذا عندي يتنزل منزلة الاختزال والانتخال والتشيع لعلوم الأوائل، والإغارة على مصنفات الأفاضل، وحق على كل من تتقاضاه قريحته تأليفًا وجمعًا وترصيفًا، أن يجعل مضمون كتابه أمرًا لا يلقي في مجموع، وغرضًا لا يصادف في تصنيف، ثم إن لم يجد بُدًّا من ذكرها أتى به في معرض [التذرع] ، والتطلع إلى ما هو المقصود والمعمود، فهذه واحدة.
والخصلة الثانية: اجتناب الإطناب، وتنكب الإسهاب في غير مقصود الكتاب"١.
الثاني: ويذهب آخرون إلى أن الاقتباس دليل القراءة الواسعة، والمعرفة التامة بالأفكار والبحوث القديمة والحديثة؛ فمن ثَمَّ ينال الباحث ثقة القارئ، ويطمئن لأفكاره وآرائه.
والحقيقة أن شخصية الكاتب كما تظهر من آرائه، وأسلوب عرضه، فإنها تتجلى أيضًا من طريقة نقله واقتباسه، ودمجها في موضوعات البحث.
١ الغياثي، غياث الأمم في التياث الظلم، الطبعة الأولى، تحقيق ودراسة وفهارس: عبد العظيم الديب "قطر: الشئون الدينية، عام ١٤٠٠هـ" ص١٦٤.