(وفي فطر الخلق إثبات وجود الباري ... ، يشير إليه قوله تعالى:
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥] ؛ ولهذا لم يبعث الأنبياء إلا للتوحيد [أي توحيد العبادة] ؛ لا لإثبات وجود الصانع....) .
٦ - وقال أيضًا في بيان سبب عدم تعرض الإمام أبي حنيفة لمباحث توحيد الربوبية:
(وقد أعرض الإمام عن بحث الوجود اكتفاءً بما هو ظاهر في مقام الشهود ففي التنزيل: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[إبراهيم: ١٠] ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}[لقمان: ٢٥] ؛ فوجود الحق ثابت في فطر الخلق، كما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى:{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم: ٣٠] ويومئ إليه حديث «كل مولود يولد على فطرة الإسلام» ، وإنما جاء الأنبياء عليهم السلام لبيان التوحيد [توحيد العبادة] ، وتبيان التفريد؛ ولذا أطبقت كلمتهم، وأجمعت حجتهم على كلمة ((لا إله إلا الله)) ، ولم يؤمروا بأن يأمروا أهل ملتهم بأن يقولوا:((الله موجود)) ؛ بل قصدوا إظهار أن غيره ليس بمعبود؛ ردا لما توهموا وتخيلوا؛ حيث قالوا:{هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ}[يونس: ١٨] ، و {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}