ووقف عند قبره ساعة، وتأثرت نفسه من تلك التربة - حصل لنفس هذا الزائر تعلق بتلك التربة، وقد عرفت أن لنفس ذلك الميت تعلقاًَ بتلك التربة أيضاً، فحينئذ يحصل لنفس الحي ولنفس الميت ملاقاة بسبب اجتماعهما على تلك التربة، فصارت هاتان النفسان شبيهتين بمرآتين صقيلتين وضعتا بحيث ينعكس الشعاع من كل واحدة منهما إلى الأخرى، وبهذا السبب ينعكس النور من نفس الميت المزور إلى نفس هذا الحي الزائر، وبهذا الطريق تصير تلك الزيارة سبباً لحصول المنفعة الكبرى، فهذا هو السبب الأصلي في شرعية الزيارة، ولهذا ينتفع بزيارة القبور والاستعانة بنفوس الأخيار من الأموات في استنزال الخيرات واستدفاع الملمات.
ولأجل هذه الواسطة الفلسفية قال الرازي فيلسوف الأشعرية (٦٠٦هـ) :
(وأيضاً سمعت: أن أصحاب أرسطا طاليس كلما أشكل عليهم