(وأما الآيات الدالة على الأمر الثاني ((يعني توحيد الألوهية)) فأكثر من أن تحصى) .
ثم ذكر كثيرًا منها، ثم قال:
(ولا أظنك شاكا في أن مفهوم ((الرب)) ومفهوم ((الإله)) متغايران، وإن كان مصداقهما في نفس الأمر وفي اعتقاد المسلمين المخلصين واحد.
وذلك يقتضي تغاير مفهومي التوحيدين، فيمكن أن يعتقد أحد من الضالين ((توحيد الرب)) ولا يعتقد ((توحيد الإله)) ، وأن يشرك واحد من المبطلين في ((الألوهية)) ، ولا يشرك في ((الربوبية)) وإن كان هذا باطل في نفس الأمر. ألا ترى أن مصداق ((الرازق)) ومالك السمع والأبصار، والمحيي، والمميت، ومدبر الأمر، ورب السماوات السبع ورب العرش العظيم، ومن بيده ملكوت كل شيء، والخالق، ومسخر الشمس والقمر، منزل الماء من السماء، ومصداق ((الإله)) واحد. ومع ذلك كان مشركو العرب يقرون بتوحيد الرازق ومالك السمع والأبصار وغيرهما، ويشركون في ((الألوهية)) و ((العبادة)) ) .
ثم ذكر عدة آيات دالة على هذا المطلب، ثم قال:
(فكذلك عباد القبور الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا اسمه، يقرون بتوحيد الرازق والمحيي والمميت والخالق والمؤثر والمدبر والرب. ومع ذلك يدعون غير الله من الأموات خوفًا وطمعًا، ويذبحون لهم ويطوفون بهم ويحلقون لهم ويخرجون من أموالهم جزءًا لهم. وكون مصداق ((الرب)) عين مصداق ((الإله)) في نفس الأمر وعند المسلمين المخلصين لا يقتضي اتحاد مفهوم توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، واتحاد مصداق الرب والإله عند