الحاصل: أن مفهوم ((الربوبية)) غير مفهوم ((الألوهية)) بلا ريب؛ فهما مفهومان متغايران، أمران مستقلان اثنان، لكن قد يذكر أحدهما ويراد به الآخر في بعض السياق أحيانًا، فهذا لا يدل على اتحادهما.
فكلمة ((الرب)) الواردة في النصوص التي تشبث بها هؤلاء القبورية لإثبات الاتحاد بين ((الربوبية)) و ((الألوهية)) معناها ((المعبود)) فلا يصح استدلالهم بها على اتحاد مفهومها.
ولذا نرى العلامة محمود شكري الآلوسي (ت ١٣٤٢هـ) بعد بحث طويل في معنى الربوبية والألوهية، وأن الأول اعترف به المشركون، وأن المعركة كانت في الألوهية فقط، وأن الأول دليل على الثاني -، أجاب عن شبهة إمام القبورية ابن جرجيس ((من أن الرب والإله متحدان في المفهوم)) قائلًا:
(ثم إن العراقي - عامله الله بعدله - كأنه لم يشم رائحة العلم ولا قرأ مقدماته حتى حكم باتحاد الرب والإله في المفهوم توهمًا منه: أن الاتحاد في [الصدق] يستلزم الاتحاد في المفهوم، وأن الترادف [يعني إطلاق ((الرب)) على ((الإله)) في بعض المواضع] يستلزم التساوي. وهذا جهل بالنسب بين الألفاظ. وما كفاه هذا الخبط العظيم حتى أخذ يتكلم على أهل الحق بكلام لا يصدق إلا عليه ولا يثبت صفته المذمومة لغيره. فتبًا