للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لا شك أن الزنادقة لا دين لهم فهم إن أنكروا خالقية الله تعالى وربوبيته ونسبوا الحوادث إلى الدهر، فهذا منهم مكابرة وعناد.

فهذه الآية لا تناقض ما حكى الله عنهم من اعترافهم بتوحيد الربوبية، فهم يقولون ذلك بالألسنة مع أن قلوبهم تشهد بخلاف ذلك.

الشبهة الثانية: تشبثهم بقول الشاعر:

أشاب الصغير وأفنى الكبي ... ر كر الغداة ومر العشي

قالوا: هل يعقل أن يقول عاقل: إن أصحاب هذا الكفر كانوا يقرون بتوحيد الربوبية؟ .

والجواب: أن هذه الشبهة في غاية من الحماقة والبلادة؛ لأن هذا الشاعر كان مسلمًا؛ فكيف يتصور أنه كان ملحدًا دهريا زنديقًا منكرًا لخالق الكائنات ورب البريات؟ .

والظاهر أنه عنى: أن البلايا في الدهر أشابت الصغير وأفنت الكبير.

ولا يعبد أن يكون قوله هذا في شدة تلك المصائب، مثل ما في قوله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل: ١٧] ، ولو سلم أنه كان كافرًا فجوابه ما سبق في الجواب عن الشبهة السابقة وبالله التوفيق.

الشبهة الثالثة: تشبثهم بقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} .... [البقرة: ٢٨] ، وقوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: ٣٠] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>