لقد تصدى علماء الحنفية للرد على القبورية؛ فأبطلوا تعريف القبورية للعبادة؛ وحكموا عليهم بالجهل بحقيقة العبادة؛ وبينوا: أن القبورية في حصرهم للعبادة في بعض الأعمال الإسلامية الظاهرة وبعض الإيمانيات الباطنة على باطل محض؛ لأنهم قد قصروا في تعريف العبادة؛ حيث جعلوها مقصورة في بعض أنواعها. فتعريفهم للعبادة تعريف باطل مزيف؛ لأنه غير جامع لأفرادها.
بل تعريفهم للعبادة لا يصدق على عبادات المشركين لآلهتهم؛ لأنهم لم يكونوا يعتقدون فيها أنها خالقة، رازقة، مالكة، أرباب للكون، متصرفة في الخلق، مستقلة بالنفع والضر؛ نافذة المشيئة لا محالة بدون إذن من الله تعالى، وحاجة إليه؛ كما يزعم القبورية.
بل كانوا يعبدون آلهتهم: بالنذر لهم، والاستغاثة بها، والاستشفاع بها؛ على أساس أنهم عباد مقربون يشفعون لهم عند الله تعالى.
إذن تعريف الحنفية للعبادة لا يصدق على عبادات المشركين