لقد انحرفت القبورية عن الصراط المستقيم في مفهوم الشرك كما انحرفت في مفهوم التوحيد، والعبادة، ولا سيما توحيد الألوهية كما سبق تفصيله؛ فالقبورية بناء على تعريفهم للتوحيد وللعبادة عرفوا الشرك بتعريف غيروا وبدلوا به حقيقة الشرك؛ فزعموا: أن الشرك: عبارة عن أن يجعل العبد مع الله أحدًا - شريكًا في الربوبية والخلق والتدبير والإيجاد، والإحياء والإماتة، واعتقاد الاستقلال فيه بالنفع والضر بنفسه وبذاته ونفوذ المشيئة له لا محالة وتأثيره في الكائنات من تلقاء نفسه بدون حاجته إلى الله تعالى؛ فكل معاملة مع غير الله إذا لم تكن مقرونة بهذا الاعتقاد - فليس من العبادة، ولا من شرك؛ ولو كان سجودًا، واستغاثة، ونذرًا، وذبحًا، وغيرها، وليس في المسلمين المؤمنين الموحدين المستغيثين بالأولياء - من يعتقد في الأولياء ذلك الاعتقاد.