فعبادة القبور هي أصل شرك العالم، وقبورية قوم نوح هي أم القبوريات؛ ثم انتشرت القبورية في اليهود والنصارى والعرب والعجم من الهند والترك والبربر وغيرهم؛ فقد قال الإمام ابن أبي العز (٧٩٢هـ) ، والعلامة نعمان الآلوسي (١٣١٧هـ) ، واللفظ للأول، في بيان مبدأ عبادة القبور وتطور القبورية في العالم:
(فإن المشركين من العرب كانوا يقرون بتوحيد الربوبية ... ؛ ولم يكونوا يعتقدون في الأصنام أنها مشاركة لله في خلق العالم؛ بل كان حالهم فيها كحال أمثالهم من مشركي الأمم:
من الهند، والترك والبربر، وغيرهم؛ تارة يعتقدون: أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء والصالحين، ويتخذونهم شفعاء ويتوسلون بهم إلى الله؛ وهذا أصل شرك العرب؛ قال الله تعالى حكاية عن قوم نوح؛ {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح: ٢٣] ؛ وقد ثبت في صحيح البخاري وكتب التفسير، وقصص الأنبياء وغيرها، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره من السلف:
أن هذه أسماء قوم صالحين في قوم نوح؛ فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم، وأن هذه الأصنام بعينها -