أبن وجه نور الحق في صدر سامع ... ودعه فنور الحق يسري ويشرق
الجواب الخامس: أن علماء الحنفية قد حققوا أن المشركين لم يكونوا يعبدون الأصنام والأحجار لذاتها في الحقيقة، وإنما كان قصدهم عبادة هؤلاء الصالحين الذين ظنوا أنهم مقربون عند الله، ويشفعون لهم عنده، وإنما صوروا لهم تماثيل ليجعلوها قبلة للتوجه إلى هؤلاء المقربين، كما أن الكعبة قبلة للمسلمين؛ لأنه لا يعقل في أحد من بني آدم أن ينحت بيده حجرًا أو خشبًا ثم يعتقد أنه إلهه ويعبده ويجعله شفيعًا بينه وبين الله، إذن لا يتصور إطباق جم غفير من العقلاء على عبادة الأصنام والأخشاب والأحجار لذاتها وجعلها آلهة بأعيانها؛ لأن هذا مما لا يصدر من عاقل، ولا يتصور أن يفعله أحد من بني آدم، فكيف يتصور ذلك من جم غفير من العقلاء؟ بل الحقيقة أن المعبود لهم لم يكن هذا الحاضر من الصنم المنحوت من الحجر أو الخشب، بل المعبود إنما كان ذلك الغائب الذي صوروه وجعلوا له صنمًا من خشب أو حجر أو صفر أو غيره، فالصنم لم يكن مقصودًا بالعبادة، وإنما كان المقصود هو ذلك المقرب الصالح، وإنما كان الصنم قبلة لتوجههم إلى هذا الصالح المقرب عند الله في زعمهم، الشفيع لهم عنده،