ب - فينبغي على المسلم أن يشعر بعظمة هذا الدعاء الذي يردده في كل يوم فقط في الفرائض سبع عشرة مرة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، وهذا يشعر بعظيم أهميتة في حياة المسلم؛ بل هو من أعظم ما يدعو به في نهاره وليلته؛ لأن هذا الدعاء يتضمن سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم، وكذلك سؤاله الثبات على الهداية إلى أن يلقى ربه، ويختم له بالحسنى.
والعبد المؤمن في هذه الدنيا على خطر عظيم، فالقلب كثير التقلب، وشياطين الأنس والجن متربصة به تنتظر زلته عن الصراط ليستثمروها، وفي المقابل نفس امّارة بالسوء، والصراط المستقيم على صعوبته، بجواره طرق مزينة مفروشة بالشهوات المحرمة المحببة للنفوس، فالخطر عظيم، وفتن الشبهات والشهوات تعرض على القلوب في كل وقت، فهنا يظهر أهمية وعظمة هذا الدعاء وجاجة الماسة إلى الدعاء به في كل ركعة، والله الموفق والمعين.
قال تعالى عن خطر الشياطين وتعاونهم على إضلال بني آدم: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} الأنعام: ١١٢ – ١١٣.
وذكر الله في كتابه دعاء المؤمنين الراسخين في العلم فقال -سبحانه وتعالى-: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} آل عمران: ٨.
وهذا يدل على أن القلب كثير الزيغ إذا لم يثبته الله، وجاء إكثار النبي -صلى الله عليه وسلم- من الدعاء بتثبيت القلوب على الدين؛ ليدل على كثرة تقلبها بسبب كثرة أمراضها، وهذا يجعل المؤمن مهتمًّا بالإكثار من هذا الدعاء متفهماً لحاجته له؛ لخوفه على قلبه من التقلب، فعَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:«يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، فَقُلْتُ: