للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم رحمه الله: " فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية هو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مئة مرة، ولو ليلة؛ فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن.

وهذه كانت عادة السلف، يردد أحدهم الآية إلى الصباح .. فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب.

ولهذا قال ابن مسعود: «لا تهذوا القرآن هذ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب».

وقال ابن مسعود ــ أيضا ــ: «اقرؤوا القرآن، وحركوا به القلوب، لا يكن هم أحدكم آخر السورة».

وروى أيوب، عن أبي جمرة، قال: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، إني أقرأ القرآن في ثلاث. قال: «لأن أقرأ سورة من القرآن في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كما تقرأ» " (١).

وعن عباد بن حمزة قال: "دخلت على أسماء وهي تقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: ٢٧]، قال: فوقفت عليها، فجعلت تستعيذ وتدعو، قال عباد: فذهبت إلى السوق فقضيت حاجتي ثم رجعت وهي فيها بعد تستعيذ وتدعو" (٢).

وعَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رَدَّدَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحَ: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١] (٣).

وعَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، قَالَ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَمْرُو بْنُ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ دَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أُخْتِهِ، فَقَالَ: أَخْبِرِينَا عَنْهُ. فَقَالَتْ: قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ حم، فَلَمَّا أَتَى عَلَى


(١) مفتاح دار السعادة (١/ ٥٣٥ - ٥٣٦).
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ٣٠٩ ت الشثري) رقم (٦١٧٦).
(٣) الزهد لوكيع (ص ٣٨٨).

<<  <   >  >>