للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعليمهم أو يظهر على المواقع والقنوات ونحوها للتلاوة يلزم عليه أن يكون على حرص تام من تسرب شوائب العجب وحب السمعة والرياء إلى قلبه، دائم المحاسبة لنفسه حريصاً كل الحرص على سلامة مقاصده مجاهداً لنفسه، ينظر لها بمنظار صاف، لا يجامل مع نفسه ولا يداهن معها، ومع ذلك يكون داعياً ملحاً في الدعاء على ربه أن يرزقه الإخلاص لوجهه الكريم وأن يجيره من الرياء والسمعة والعجب بعمله.

ووقت الليل أكثر صفاء من وقت النهار، يقول ابن حجر رحمه الله معلقاً على مدارسة جبريل -عليه السلام- للنبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن في كل ليلة من رمضان: "وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم، لأن الليل مظنة ذلك؛ لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية" (١).

وقال النووي رحمه الله: «ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر، وفي صلاة الليل أكثر .. والأحاديث والآثار في هذا كثيرة .. وإنما رُجِّحت صلاة الليل وقراءته؛ لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والمُلْهِيَات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المُحْبِطَات، مع ما جاء به الشرع من إيجاد الخيرات في الليل (٢) .. » (٣).

والخلوة مع الله في ظلمة الليل واقفاً بين يديه قائماً راكعاً ساجداً لتلاوة كتابه وتدبر آياته لها طعم وحلاوة ولذة لا مثيل لها.

يقول من ذاق ذلك: " أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء" (٤).

عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «تَفَقَّدُوا الْحَلَاوَةَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْقُرْآنِ وَفِي الذِّكْرِ فَإِنْ وَجَدْتُمُوهَا


(١) فتح الباري (٩/ ٤٥).
(٢) وذكر رحمه الله لهذا أمثلة من الأسراء والمعراج، ونزول الله في ثلث الليل الآخر
(٣) التبيان في آداب حملة القرآن (٨٢ - ٨٤) ط المنهاج.
(٤) نقله في تاريخ دمشق لابن عساكر (٣٤/ ١٤٦) عن أبي سليمان الدارني.

<<  <   >  >>