للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو ما تراهم قد قَدِموا (١) .

فقنوته في الفجر كان هكذا، لأجل أمر عارض ونازلة، ولذلك وقتّه أنس بشهر.

وقد ثبت عن أبي هريرة أنه قنت لهم أيضاً في الفجر شهراً (٢) .

والحاصل في المسألة: أنه لما صار القنوتُ في لسان الفقهاء، وأكثر الناس، هو هذا الدّعاء المعروف:: اللهم اهدني فيمن هديت ... إلى آخره، وسمعوا أنه لم يزل يقنُت في الفجر حتى فارق الدنيا، وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصّحابة، حملوا القنوت في لفظ الصحابة على القنوت في اصطلاحهم، ونشأ مَنْ لا يعرف غير ذلك، فلم يشك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، كانوا مداومين عليه كلّ غداة، وهذا هو الذي نازعهم فيه جمهورُ العلماء، وقالوا: لم يكن هذا من فعله الراتب، بل ولا يثبت عنه أنه فعله (٣) .

والعجب ترك الأحاديث الصحيحةِ الصريحة بقنوت النّوازل، والعمل بالحديث الذي لم يثبت في القنوت الراتب (٤)


(١) أخرجه البخاري في ((الصحيح)) : (٢/ ٣٩٠) رقم (٨٠٤) ومسلم في ((الصحيح)) : (١/ ٤٦٧) رقم (٢٩٤) .
(٢) أخرجه أحمد في ((المسند)) : (٢/٢٥٥) والنسائي في ((المجتبى)) : (٢/ ٢٠١) وابن ماجه في ((السنن)) : (١/٣٩٤) رقم (١٢٤٤) والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) : (١/٢٤١) والبيهقي في ((السنن الكبرى)) : (٢/ ١٩٧) .
(٣) ما مضى من ((زاد المعاد)) : (١/ ٢٧٥، ٢٧٦، ٢٧٧، ٢٧٨، ٢٧٩، ٢٨٠، ٢٨٢، ٢٨٣) بتصرّف.
(٤) جاء في ترجمة ((أبي الحسن الكرجي الشافعي)) المتوفى سنة (٥٣٢ هـ) أنه كان لا يقنت في الفجر، ويقول: ((لم يصح في ذلك حديث)) وهذا مما يدل على علمه وإنصافه رحمه الله، وأنه مما عافاهم الله عزَّ وجلَّ ـ من آفة التعصّب المذهبي. =

= وجاء في ترجمة ((عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفرّاء)) في ((السير)) : (١٧/ ٤٧٧) أنه كان يصلّي بالناس في مسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعياً يقنُتُ، فأمّ بعده رجلٌ مالكي، وجاء الناس على عادتهم، فلم يقنُت، فتركوه وانصرفوا، وقالوا لا يُحسنُ يصلّي!!

<<  <   >  >>