((وأما وجوبه، فقد أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبى هريرة المتقدّم لمجرد الشك، فقال: إذا قام أحدكم يصلى، جاءه الشيطان، فلبّس عليه صلاته، حتى لا يدرى كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك، فليسجد سجدتين وهو جالس)) وذكر أربعة أحاديث أخرى، ثم قال:((فهذه خمسة أحاديث
صحيحة، فيها كلها يأمر الساهي بسجدتي السهو، وهو لما سهى عن التشهد الأول سجدها بالمسلمين قبل السلام، ولما سلم في الصلاة من ركعتين أو من ثلاث، صلى ما بقي، وسجدها بعد الصلاة، ولما ذكّروه أنه صلى خمساً سجدها بعد السلام والكلام.
وهذا يقتضى مداومته عليهما وتوكيدهما، وأنه لم يدعهما في السهو المقتضي لهما قط، وهذه دلائل بيّنة واضحة على وجوبهما، وهو قول جمهور العلماء، وهو مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة وليس مع من لم يوجبوهما حجة تقارب ذلك)) .
[٩/٢١] * جملة أخطاء في كيفية سجود السهو ومكانة والأسباب الموجبة له.
اختلف الفقهاء في كيفية الأخذ بالأحاديث الواردة في سجود السهو، فمنهم من قال: إنه يكون قبل السلام بإطلاق! ومنهم من ذهب إلى أنه بعد السلام بإطلاق!! وأصح الأقوال وأظهرها ـ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في ((مجموع الفتاوي)) : (٢٣/٢٤) ـ الفرق بين الزيادة والنقص، وبين الشك مع التحرى، والشك مع البقاء على اليقين، وهذا إحدى الروايات عن أحمد، وقول مالك قريب منه، وليس مثله.
فمن ترك التشهد الأول سجد قبل السلام، ومن زاد سجد بعد السلام، وإذا شك فتحرى سجد بعد السلام، وإذا شك فبنى على اليقين سجد قبل السلام، وإذا سلم من نقص سجد بعد السلام.
يقول ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ أيضاً: ((وهذا القول هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث، لا يترك منها حديث، مع استعمال القياس