للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا من التعصب المذهبي، إذ من طباع البشر وأخلاقهم: أن يألفوا ما أخذوه بالرّضا والتّسليم، ويأنسوا به، فإذا وجدوا لهم مخالفاً فيه، تعصّبوا له، ووجّهوا قواهم إلى استنباط ما يؤيّده ويثبته، ويدفع عنه حجج المخالفين لهم فيه، لا يلتفتون إلى تحري الحق، واستبانة الصّواب، فيما تنازعوا فيه.

وذكر النووي في ((شرح المهذب)) ثلاثة وجوه في تحريكها: لا يحركها، ويحرم تحريكها، وقال ما نصه: ((يحرم تحريكها، فإن حركها بطلت صلاته، حكاه عن أبي علي ابنُ أبي هريرة، وهو شاذ ضعيف)) .

ومن ثم قال: ((يستحب تحريكها، حكاه الشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب وآخرون. وقد يحتج بحديث وائل بن حجر: ((ثم رفع أصبعه، فرأيتُه يحركها، يدعو بها))

رواه البيهقي بإسناد صحيح)) (١) .

والقول بالبطلان لتحريك الأصبع شاذ ضعيف، كما قال النووي، ويردده بعضهم بناء على أنه إذا تحرك المصلّي ثلاث حركات تبطل صلاته!! وهو مما لا دليل عليه البتة، قال الشيخ ابن باز فيه: ((أما تحديد الحركات المنافية للطمأنينة وللخشوع بثلاث حركات، فليس ذلك بحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذلك من كلام بعض أهل العلم، وليس عليه دليل يعتمد)) (٢) .

وأما حديث ابن الزبير الذي فيه الإِشارة فحسب، فليس نصّاً في نفي التحريك، لما هو

معهود في الاستعمال اللغوي، أنه قد يقترن معها التحريك في


(١) المجموع شرح المهذب: (٣/٤٥٤) .
(٢) الفتاوى: (١/٨٧) .

<<  <   >  >>