في هذا الحديث: تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام، لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف، فيكون هو أولى، ولأنه يتفطّن لتنبيه الإِمام على السهو، لما لا يتفطن له غيره،وليضبطوا صفة الصلاة، ويحفظوها وينقلوها،ويعلّموها النّاس،وليقتدي بأفعالهم مَنْ وراءهم (٢) .
وإن هؤلاء العوام قمينّ بهم أن يؤخَّروا، مرّة تلو أُخرى، حتى يعرفوا منازلهم، فلا يتعدوها، وأن يفعل بهم أهلُ العلم والنهى والأحلام ما فعل أُبي بن كعب ببعض التّابعين.
عن قيس بن عباد قال: بينما أنا بالمدنية في المسجد في الصّف المقدّم، قائم أُصلّي، فجذبني رجل من خلفي جذبة، فنحاني وقام مقامي، قال: فوالله ما عقلتُ صلاتي، فلما انصرف فإذا هو أُبيّ بن كعب، فقال: يا فتى لا يسؤك الله، إن هذا عهد من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلينا أن نليه، ثم استقبل القبلة، فقال: هلك أهل العقدة، ورب الكعبة، ثلاثا ثم قال: والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على مَنْ أضلّوا، قال: قلت: مَنْ تعني بهذا؟ قال: الأمراء (٣) .
وفي فعل أبيّ ـ رضي الله عنه ـ بيان أن أولي الأحلام والنّهى، أحق بالصف الأوّل. وأن لهم شق الصفوف عند حضورهم، ليقوموا بالصف الأوّل (٤) .
والأفضل لهؤلاء العوام أن يصلوا في ميامن الصفوف، دون الإيطان في مكان معيّن، كما قدمنا.