[١١/٤٠] السّابع: يكتفي كثير من الأئمة بقراءة اليسير من القرآن الكريم في الصلاة
الجهرية، وبعضهم يجزىء بقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا ... } إلى آخر السورة، وهذا مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال ابن القيم:((وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من (يا أيها الذين آمنوا ... ) إلى آخرها. فلم يفعله قط، وهو مخالف لهديه الذي كان يُحافظ عليه)) (١) .
وربما احتج بعضهم بالتخفيف الوارد في الأحاديث النبويّة، من مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، إنّ منكم مُنَفِّرِينَ، فأيُّكم أمَّ النّاس فليوجز، فإنّ من ورائه الكّبير والضعيف وذا الحاجة)) (٢) أو بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للتخفيف.
عن أنس - رضي الله عنه - قال:((ما صلّيتُ وراء إمامٍ قط أخفّ صلاة ولا أتمّ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) (٣) .
[١٢/٤٠] والتخفيف الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله، ليس هو التخفيف الذي اعتاده سُرَّاق الصّلاة، والنقَّارون لها، وأن ما وصفه أنس من تخفيف النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته، هو مقرون بوصفه إياها بالتمام، كما تقدم، وهو الذي وصف تطويله ركني الاعتدال، كما في حديث آخر صحيح، قال: حتى كانوا يقولون: قد أوهم (٤) ، ووصف صلاة عمر بن عبد العزيز بأنها تشبه صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أنهم قدروها بعشر تسبيحات (٥) .
والتخفيف الذي أشار إليه أنس، هو تخفيف القيام مع تطويل الركوع والسجود، وهذا بخلاف ما كان يفعله بعض الأمراء الذين أنكر الصحابة صلاتهم من إطالة القيام على ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله غالباً، وتخفيف الركوع والسجود