قلت: وهذا مذهب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ، أعني: أن الأحاديث الواردة في فضل الجماعة، مقصورة على من جمع في المسجد، دون من جمع في بيته، كما في ((الفتح)) (٢) و ((إرشاد الساري)) (٣) و ((لامع الدّراري)) (٤) .
وإلى هذا ذهب بعض الفقهاء؛ قال ابن نجيم:((من جمع بأهله لا ينال ثواب الجماعة، إلا إذا كان لعذر)) (٥) .
ويتأيّد ما قلناه: إذا علمتَ: أن الجماعة في نظر الشّارع، تكون في المساجد دون البيوت، فإن الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إذا طمعوا في إدراك الجماعة، لم يكونوا يصلّونها في البيوت، وكانوا يذهبون إلى المساجد، فإن فاتتهم الجماعة صلّوها في البيوت. فجماعتهم لم تكن إلا في المسجد، ولم تكن في البيت إلا الصلاة منفرداً، وقد تغيّر العرف في زمننا، فجعل بعضُ المترفّهين يجمعون في بيوتهم (٦) !
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الرجل في الجماعة، تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضّأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصّلاة، لم يخْطُ خطوة، إلا رفعت له بها درجة، وحطّ عنه بها خطيئة، فإذا صلّى لم تزل الملائكة تصلّي عليه، ما دام في مصلاّه: اللهم صلّ