فلو كانت الجماعة الثانية في المسجد جائزة مطلقاً، لما جمع ابن مسعود في البيت، مع أن الفريضة في المسجد أفضل، ولما صلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرادى، مع استطاعتهم على التجميع.
وعن سحنون عن ابن القاسم عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر قال: دخلت مع سالم بن عبد الله مسجد الجمعة، وقد فرغوا من الصلاة، فقالوا: ألا تجمع الصلاة؟
فقال سالم: لا تجمع صلاة واحدة في مسجدٍ مرّتين.
قال ابن وهب: وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة والليث مثله (٤) .
ففي قول سالم دلالة صريحة على كراهة تكرار الجماعة في مسجد واحد، ووافقه في ذلك جماعة من التابعين.
٥- أن الجماعة الثانية، تؤدّي إلى تفريق الجماعة الأولى، لأن الناس إذا علموا أن الجماعة تفوتهم يستعجلون، فتكثر الجماعة، وإذا علموا أنهم لا تفوتهم يتأخرون، فتقل الجماعة، وتقليل الجماعة مكروه (١) .
قال القاضي ابن العربي في حكمة الكراهة:((هذا معنى محفوظ في الشريعة، عن زيغ المبتدعة، لئلا يتخلّف عن الجماعة، ثم يأتي، فيصلّي بإمام آخر، فتذهب حكمةُ الجماعةِ وسنّتُها)) (٢) .