فيه الصلاة، صلّوا فرادى، ولا أحب أن يصلّوا فيه جماعة، فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه، وإنما كرهت ذلك لهم، لأنه ليس مما فعل السَّلفُ قبلنا، بل قد عابه بعضهم)) (٥) .
فقوله:(عابه بعضهم) يدل على كراهة الجماعة الثّانية عند السلف، والمراد بالسلف في كلام المجتهدين هو الصحابة والتابعون رضي الله عنهم.
وقال أيضاً:((وإنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالاً معه – أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، فصلّوا بعلمه منفردين، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا، وأن قد فاتت الصّلاة في الجماعة قوماً، فجاءوا المسجد، فصلّى كلُّ واحدٍ منهم منفرداً، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد، فصلّى كل واحد منهم منفرداً، وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في المسجد مرتين)) (١) .
يشير الإمام الشافعي إلى فعل عبد الله بن مسعود وغيره.
أخرج عبد الرزاق ومن طريقه الطبراني: عن معمر عن حماد عن إبراهيم: أن علقمة والأسود أقبلا مع ابن مسعود إلى المسجد، فاستقبلهم الناس قد صلوا، فرجع بهما إلى البيت، فجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ثم صلى بهما (٢) .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بسندهما إلى الحسن البصري قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلوا المسجد، وقد صلّي فيه صلّوا فرادى (٣) .