ونقل ابن عبد البر الإجماع على وجوب الإِنصات على من سمع الخطبة، إلا عن قليل من التّابعين، ولفظه:((لا خلاف علمتُه بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على مَنْ سمعها في الجمعة، وأنه غير جائز أن يقول لمن سمعه من الجهال يتكلم والإِمام يخطب: أنصت، ونحوها، أخذاً بهذا الحديث. وروي عن الشعبي وناس قليل أنهم كانوا يتكلّمون إلا في حين قراءة
الإمام في الخطبة خاصة، قال: وفعلهم في ذلك مردود عند أهل العلم، وأحسن أحوالهم، أن يقال: إنه لم يبلغهم الحديث)) (٢) .
وهذا لفظ الإمام الشافعي في المسألة في ((الأم)) : ((واجب لكل مَنْ حضر الخطبة أن يستمع لها وينصت، ولا يتكلّم من حين يتكلّم الإمام حتى يفرغ من الخطبتين معاً.
ولا بأس أن يتكلّم، والإمام على المنبر، والمؤذّنون يؤذّنون، وبعد قطعهم، قبل كلام الإمام، فإذا ابتدأ في الكلام، لم أحب أن يتكلم، حتى يقطع الإمام الخطبة الآخرة، فإن قطع الآخرة، فلا بأس أن يتكلّم حتى يكبّر الإمامُ، وأحسن في الأدب، أن لا يتكلّم من حين يبتدىء الإمام الكلام، حتى يفرغ من الصلاة، وإن تكلم رجل، والإمام يخطب، لم أحب ذلك له، ولم يكن عليه إعادة الصّلاة)) (٣) .
قلت: ولا يسلم من الإِثم، للأحاديث المتقدّمة، وهو أصح قولي أهل العلم، وبه قال مالك والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد (٤) .
[٧/٥٨] والمراد بالإنصات: السكوت عن مكالمة الناس مطلقاً.