ونقل القرطبي عن الماوردي في هذا الأذان:((فعله عثمان، ليتأهب الناس لحضور الخطبة، عند اتّساع المدينة، وكثرة أهلها)) (٦) .
وهذا السبب لا يكاد يتحقق في عصرنا هذا إلا نادراً، وذلك في مثل بلدة كبيرة تغص الناس على رحبها، كما كان في الحال في المدينة المنورة (١) ، ليس فيها إلا مسجد واحد يجمع الناس فيه، وقد بعدت منازلهم عنه لكثرتهم، فلا يبلغهم صوت المؤذّن، الذي يؤذّن على باب المسجد. وأما بلدة فيها جوامع كثيرة، لا يكاد المرء يمشي فيها خطوات حتى يسمع الأذان للجمعة من على المنارات، وقد وضع عليها الآلات المكبّرة للأصوات، فحصل بذلك المقصود الذي من أجله زاد عثمان الأذان، ألا وهو إعلام الناس.
وإذا كان الأمر كذلك، فالأخذ حينئذ بأذان عثمان من قبيل تحصيل الحاصل، وهذا لا يجوز، لا سيما في مثل هذا الموضع الذي فيه التزيّد على شريعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون سبب مبرر، وكأنه لذلك كان علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وهو بالكوفة، يقتصر على السنّة، ولا يأخذ بزيادة عثمان، كما قال القرطبي في ((تفسيره)) (٢) .