للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعيد خطباً قيلت مرات، والقيت في مجتمعات غير مجتمعه، ويتطرق إلى مشاكل غير واردة، ويطيل في غير ما يهمّ، ويحوم حول الحمى ولا يكاد ينطق بالحق الذي أمرنا الله سبحانه أن نعلي صوته ولو على أنفسنا ...

إنني لا أزعم أن ساحة المسجد خلت من الخير كله، وأن الخطب المنبرية اندثرت، ولا يوجد خطباء، بل أقول: أن الخير كثير، ولا تخلو منه الجماعة الإسلامية، ولكنني أريد أن أشير إلى النقص، لئلا يزداد، وتعمّ مصيبته، ويسود سلطانه (١) .

[٢/٦١] وقد صارت الخطبة في أكثر البلاد الإسلاميّة، رسوماً تقليديّة، ووظيفة رسميّة، تؤدّى بعبارة، تحفظ من ورقة، فتلقى على المنبر، ككنس المسجد، يقوم بها أيُّ رجلٍ!! ‍‍وفي نظر طلاّبها، حرفة، ينال بها الرّزق!! ونسوا ـ أو تناسوا ـ أن مقامها هو مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومقام خلفائه ونوّابهم، وقد أُهين هذا المقام في هذا العصر، فصار يعهد به كثيراً إلى أجهل النّاس، وأقلّهم احتراماً في نفوس العوام فضلاً عن طلبة العلم وأهله.

فهؤلاء الخطباء، شرّ فتنة، وذنوبهم لا تحصى، إلا إذا أمكن إحصاء تأثير خطبهم الضّارّ في الأُمّة ‍‍!! وأنّى يحصى، وهو من الأمور المعنويّة التي لا تعرف بالعدّ والحساب!!

ومن سيّئات هؤلاء الخطباء، وآفاتهم في الأُمّة: أنْ كانوا علّةً من عِلَلِ فقرها وضعفها، في دينها ودنياها، وضياع ممالكها من أيديها، فهم أضرَ على المسلمين من الأعداء المحاربين، ومن دعاة الضّلال الكافرين، ومثلهم كمثل الطبيب الجاهل، يقتل العليل، وليس هذا محلّ شرح سيّئاتهم بالتفصيل، ولكن لا بدّ من التنبيه إلى جملة من أخطاء

الخطباء، فنقول، وعلى الله سبحانه الاعتماد والتكلان، ومنه التّوفيق والسداد والإِحسان:

[٣/٦١] * تطويل الخطبة وتقصير الصَّلاة:

<<  <   >  >>