عن عمار بن ياسر قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((إنّ طول صلاة الرّجل، وقصر خطبته، مَئِنَّةٌ (٢) مِنْ فِقْهِهِ، فأطيلوا الصّلاة، واقْصُروا الخطبة، وإنَّ من البيان سحراً)) (٣) .
وليس هذا الحديث مخالفاً للأحاديث المشهورة بتخفيف الصلاة، لقول جابر بن سَمُرة رضي الله عنه:((كنتُ أُصلّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت صلاتُه قصداً، وخطبته قصداً)) (١) .
لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه: أن الصلاة تكون طويلة بالنّسبة إلى الخطبة، لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهي حينئذ قصد، أي معتدلة، والخطبة قصد، بالنّسبة إلى وضعها (٢) .
وإنما كان قصر الخطبة علامة على فقه الخطيب، لأن الفقيه المطّلع على حقائق المعاني،
وجوامع الألفاظ، يتمكّن من التعبير بالعبارة الجزلة المفيدة، ولذلك كان من تمام رواية هذا الحديث:((فأطيلوا الصّلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً)) (٣) .
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يصلي الجمعة بسورتي ((الجمعة)) و ((المنافقون)) تارة، وبـ ((سبح اسم ربك الأعلى)) و ((هل أتاك حديث الغاشية)) تارة أُخرى.