للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الصفدي: محمد بن وهيب البديهي حضر مجلس بعض الفقهاء في عقد نكاح، فقال له الفقيه: لو كتبت هذا العقد لشاركتنا في الحسنة، فقال له: نعم، كيف تريد ذلك، نظما أو نثرا، فاقترحوه نظما، فقال هات كاتبا، فأملى عليه نظما. ذكر الشروط، والتاريخ، وكل ما له علاقة بالصداق، لم يتردد فيه ولا أبطأ، كأنه يتلوه من حفظه، فبهت القوم، وقال له الفقيه: أمرك والله عجب، كاد لولا المشاهدة لا أصدقه، وركب إلى المنصور بن أبي عامر، فأخبره بالمجلس، وأراه الشعر، فعجب من ذلك، وأمر له بصلة، حملت إليه، وكان عدة ما ارتجله ثلاثين بيتا، منها: [الطويل]

لأصدق عبد الله نجل محمد ... فتى أمويّ زوّج البكر مريما [١]

وأمهرها عشرين عجّل نصفها ... دنانير يحويها أبوها مسلّما

وأنكحها منه أبوها محمد ... سلالة إبراهيم من حيّ خثعما

وباقي صداق البكر باق إلى مدى ... ثلاثة أعوام زمانا متمّما

مؤخّرة عنه يؤدي جميعها ... إذا لم يكن عند التطلّب معدما

ومن شرطها أن لا يكون مرحّلا ... لها أبدا عن دارها حيث يمّما

وأن لا يرى حتما بشىء يضيرها ... يصرّف فيه الدهر كفا ولا فما

وقال البختري [٢] : [الطويل]

شكرناك للمعروف والشكر واجب ... ومن يشكر المعروف فالله زائده

لكل زمان واحد يرتجى له ... وهذا زمان أنت لا شكّ واحده

في كتاب نزهة الندماء [٣] : زعمت العرب أن أشد الناس حقدا أشدهم شكرا، وله شاهد من القانون الطبي، فاذا كان المزاج حارا يابسا، أو باردا يابسا، قليل الرطوبة والسيالة، ارتسم فيه الحال الذي يتعلق به، فلا يخرج منه.

الحظيري [٤] : [مجزوء الرمل]

أنت في الديوان لا تف ... رغ من شغل الإمام


[١] في ب، ش، ل، ع: زوّجه البكر.
[٢] في ش، ل: البحتري.
[٣] في ب، ط: نزهة القدماء.
[٤] الحظيري: سعد بن علي بن القاسم الأنصاري الخزرجي، أديب من أهل بغداد، له شعر، كان وراقا يبيع الكتب، وله تصانيف منها (زينة الدهر جعله ذيلا لدمية القصر للباخرزي، وله ديوان شعر، توفي سنة ٥٦٨ هـ. (وفيات الأعيان ١/٢٠٣، الوافي بالوفيات ١٥/١٦٩- ١٧٦ معجم الأدباء ٣/١٤٩- ١٣٥٠، وليس في مصادره هذه الأبيات.

<<  <   >  >>