للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرى أن يعذب الله عز وجل بالنار [١] رجلا من أهل العلم.

[انتهت حكاية القاضي واللص]

[في تاريخ المدينة الشريفة للحافظ جمال الدين المطري [٢]]

وصل السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي [٣] سنة سبع وخمسين وخمسمئة، إلى المدينة الشريفة، بسبب رؤيا رآها، ذكرها بعض الناس، وسمعتها من الفقيه علم الدين يعقوب بن أبي بكر المحترق أبوه ليلة حريق المسجد، عمن حدثه عن أكابر من أدرك أن السلطان محمود المذكور، رأى النبي صلّى الله عليه وسلم، ثلاث مرات في ليلة واحدة، وهو يقول له في كل واحدة منها: يا محمود، أنقذني من هذين الشخصين، فأراه شخصين أشقرين تجاهه [٤] ، فاستحضر وزيره قبل الصبح، فذكر ذلك له، فقال له: هذا أمر حدث في مدينة النبي صلّى الله عليه وسلم، ليس له غيرك، فتجهز وخرج على عجل، بمقدار ألف راحلة، وما يتبعها من خيل وغير ذلك، حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها، والوزير معه، فزار وجلس في المسجد، لا يدري ما يصنع، فقال له الوزير: أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال: نعم/ فطلب الناس عامة للصدقة، وفرق عليهم ذهبا كثيرا وفضة، وقال: لا يبقين أحد بالمدينة إلا جاء، فلم يبق [٥] إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس، نازلان في الناحية التي تلي قبلة حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم، من خارج المسجد، فطلبهما للصدقة، فامتنعا، وقالا: نحن على كفاية، فجدّ في


[١] كلمة: (بالنار) ساقطة من ش.
[٢] المطري: محمد بن أحمد بن محمد الخزرجي الأنصاري، جمال الدين، أبو عبد الله، من الفضلاء، عارف بالحديث والفقه والتاريخ، نسبته إلى المطرية (بمصر) وهو من أهل المدينة المنورة، ولي نيابة القضاء فيها، وألف لها تاريخا سماه (التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة، توفي بالمدينة سنة ٧٤١ هـ. (الدرر الكامنة ٣/٣١٥، لحظ الألحاظ لابن فهد ص ١١٠) .
[٣] نور الدين محمود بن زنكي: عماد الدين الملقب بالملك العادل، ملك الشام وديار الجزيرة ومصر، وهو أعدل ملوك زمانه وأجلهم وأفضلهم، كان من المماليك (جده من موالي السلجوقيين) ولد في حلب، وانتقلت إليه إمارتها بعد وفاة أبيه، وكان ملحقا بالسلاجقة، فاستقل عنهم، واتسعت مملكته فشملت أكثر الممالك الإسلامية، حارب الصليبيين، وأصلح البلاد وبنى المدارس والمساجد، وكان متواضعا مهيبا مكرما للعلماء، ولأبي شامة كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين) في سيرته وسيرة صلاح الدين ودولتيهما، توفي سنة ٥٦٩ هـ. (ابن الأثير ١١/١٥١، ابن خلدون ٥/٢٥٣، كتاب الروضتين ١/٢٢٧- ٢٢٩، وفيات الأعيان ٢/٨٧، مرآة الزمان ٨/٣٠٥) .
[٤] في ب: من هذين الشخصين الأشقرين تجاهه. في ل: من هذين لشخصين أشقرين تجاهه.
[٥] (فلم يبق) ساقطة من ب.

<<  <   >  >>