للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولجاجهما المديد [١] /ببسيط حلمه، ويعاملهما بما وقر في صدره من الوقار، وسكن في قلبه من السكينة، وإذا كان في هذه المدينة مالكنا، فلا يفتي العبد ومالك في المدينة [٢] ./

[مقامة تسمى الحرقة للخرقة]

إنشاء الإمام زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردي [٣] قاضي حلب المعروف بالرياحي، وهو أول من ولي قضاء المالكية بحلب.

بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد حمد الله الذي لا يحمد على المكاره سواه، والصلاة على سيدنا محمد الذي خاف مقام ربه، وعصم عن اتباع هواه، وعلى آله وصحبه الذين بذل كل منهم في صون الآية قواه، وسلمت صدورهم من فساد النيات، وإنما لكل امرىء ما نوى، فان نصيحة أولياء العزم تلزم، والتنبيه على مصالح العباد قبل عموم الفساد أحزم، والمتكلم لله مأجور، والظالم ممقوت مهجور، وتحسين الكلام لدفع الضر عبادة، والنثر والنظم للذب عن أهل الدين من باب الحسنى وزيادة، وجرحة الحاكم للأعراض بالأغراض صعبة، إذ نص الحديث النبوي أن حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، ومخرق حرمته مذموم، ولحم العلماء مسموم.

وهذه رسالة أخلصت فيها النية، وقصدت بها النصيحة للرعاة والرعية، أودعتها في جوهر فكر كل ثمين، وناديت بها على مزيل ظلم أبناء جنسي، مناداة/ اللّحم السمين، لكن جنّبتها فحش القول إذ لست من أهله، وخلدتها في ديوان الدهر، شاهدة على المسىء بفعله، ورجوت بها الثواب، وتحريت فيها الصدق والصواب، نصرة للمظلوم، وغيرة على حملة العلوم، وسميتها الحرقة للخرقة، فقلت:

اعلموا يا ولاة الأمور، ويا ذوي الكرم الغمر، أبقاكم الله في مصر للأمة، ووفقكم لرفع الإصر، وبراءة الذمة، إن حلب قد نزعت الزبدة ووقعت من ولاية التاجر الرياحي في خسر، وشدة قاض سلب الهجوع، وسكب الدموع، وأخلف السرب، وكدّر الشرب، بجرأته التي طمت وطمّت، وعاميته التي عمّت وغمّت، وفتنته التي بلغت الفراقد،


[١] في الأصل في هذه الصفحة سطران وربع فقط وبقية الصفحة بياض خالية من الكتابة، والكلام موصول دون نقص.
[٢] في ط: فلا يفتى ومالك في المدينة. ومالك: هو الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأربعة.
[٣] ابن الوردي: عمر بن مظفر بن عمر ابن أبي الفوارس، زين الدين المعرّي الكندي، شاعر أديب مؤرخ، ولد في معرة النعمان، ولي قضاء منبج، له ديوان شعر، ومن كتبه (تتمة المختصر) المعروف بتاريخ ابن الوردي، جعله ذيلا لتاريخ أبي الفداء وخلاصة له، و (اللباب في الإعراب) و (مقامات) و (بهجة الحادي) وغيرها، توفي بحلب سنة ٧٤٩ هـ. (بغية الوعاة ٣٦٥، فوات الوفيات ٢/١١٦، النجوم الزاهرة ١٠/٢٤٠، أعلام النبلاء ٥/٣، الدرر الكامنة ٣/١٩٥) .

<<  <   >  >>